لا يُمكن لأحد أن يُحيط بشخصية أعظم رجل في الكون؛ ألا وهو الرسول الأعظم محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلمـ، حيث لم تبرز على طول التاريخ مثل هذه الشخصية العظيمة التي تجسدت فيرجل أحدث تغييرات واسعة في التاريخ الإنساني، وقد اعتبر أحد الكُتّابالغربيين في كتابه (المئة الأوائل) الرسول عـليه صلى الله وسلمـ في المرتبة الأولى من عظماء التاريخ البشري، كما واعتبره أعظم شخصية فيتاريخ العالم بما حققه من نجاح عظيم في إبلاغ رسالته وتأسيسه لدولةإسلامية كبيرة، وحضارة عريقة ظلت تُغذي العالم بالعلم، والمعرفة، والعطاءلقرون عديدة.
حيث يقول الدكتور (مايكل هارث) أستاذ الرياضيات، والفلك، والفيزياء فيالجامعات الأمريكية، وخبير هيئة الفضاء الأمريكية: "لقد اخترت محمداً ـصلى الله عليه وسلم ـ في أول هذه القائمة... ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار، ومعهم حق في ذلك، ولكن محمد ـ صلى الله عليه وسلمـ هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوىالديني والدنيوي، وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات،وأصبح قائداً سياسياً، وعسكرياً، ودينياً، وبعد 13 قرناً من وفاته فإن أثرمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يزال قوياً متجدداً."
ويقول المستشرق الأمريكي (إدوارد وورمسي): "وكانت العرب غارقة قبل نبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلمـ في أحط الدركات حتى ليصعب علينا وصف تلك "الخزعبلات" التي كانت سائدة فيكل مكان؛ فالفوضى العظيمة التي كان الناس منهمكين فيها في ذلك العصر،وجرائم الأطفال ـ يعني قتلهم خشية الفقر ـ ووأدِ البنات أحياء، والضحاياالبشرية التي كانت تُقدم باسم الدين، والحروب الدائمة التي تنشب آناً بعدآن بين القبائل المختلفة، والنقص المستديم في نفوس أهل البلاد، وعدم وجودحكومة قوية. حتى أتى الوحي من عند الله إلىرسوله الكريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة فانتبه العرب،وتحققوا أنهم كانوا نائمين في أحضان الرذيلة المظلمة. ولنتصور سكانالبادية حينما رأوا أصنامهم تُكسر على مرأى ومسمع منهم، وهم المشهورونبالشجاعة، والصلابة في الرأي، وعدم الخضوع للغير، أفلا يثور ثائرهم،ويهبون لقتل محمد؟ ولكنه كان يتكلم بكلام الله ربه،فقد كانوا يشعرون بذلك حيث يجدون في نبرات صوته هدى، وتأثيراً كبيراًطاغياً، ولهذا لم يستطيعوا القيام ضد تيار الحق، ولم يجدوا بداً من الجريفي مجاري النقاء الجديد، لأنه اجتاح كل الموانع، والسدود كما يجتاح السيلالجارف كل شيء يقف في طريقه، وهكذا انتصرت الفضيلة على الرذيلة."
والذي يُضفي على هذه الرسالة، والرسول آفاق النجاح، والموفقية في تحقيق أهدافها، هي تلك الإنعطافة التي أحدثها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلمـ في مسيرة الحياة الإنسانية، فمع إنطلاقة هذه الرسالة بدأ عهد جديد تحولتفيه الإنسانية إلى وجه جديد وحضارة متألقة تتصاعد نحو التقدم والرقي. إذأن الفكر الإنساني بدأ ينضج ويتبلور بعد أن استطاعت الحضارة الإسلامية أنتقدم إلى العالم النتاج العلمي الكبير الذي أصبح وبالفعل قاعدة لانطلاقةالعلم الحديث، فقد أثار الرسول ـ صلى الله عليه وسلمـ برسالته الخالدة كوامن الفكر، وأوقد جمرة العقل، ورسّخ منهج الاجتهاد،والتجديد بعد أن حارب أفكار الجاهلية، والتقليد الأعمى، والاستعباد،والاستبداد؛ ليُنير في درب الإنسانية مفاهيم الحرية والعلم، والشورىوالإخاء والأخلاق، فبعد أن استطاعت الحضارة الإسلامية أن تمد جذورها فيبلاد العالم بدأت مرحلة جديدة من الفكر والعقلانية، واتخذ العالم منهجاًمتميزاً في إدارة أموره ليعتمد بالدرجة الأولى على الحرية والعلم والعقل.
يقول الكاتب الروسي الكبير (ليو تولستوي): "ومما لا ريب فيه أن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلمـ كان من عُظماء الرجال المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمةجليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلىالسكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحاياالبشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهذا عمل عظيم لا يقوم به إلا شخصأوتي قوة، ورجل مثل هذا لجدير بالاحترام والإجلال."
ويقول الكاتب الإيرلندي الكبير (برنارد شو): "لأني أُكن كل تقدير لدين محمد ـ صلى الله عليه وسلمـ، ولحيويته العجيبة فهو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلةلملاءمة أوجه الحياة المتغيرة وصالح لكل العصور. لقد درست حياة هذا الرجلالعجيب، وفي رأيي أنه يجب أن يُسمى مُنقذ البشرية."
نعم إنه مُنقذ البشرية، ودينه دين الحياة والسعادة، يقول تعالى في كتابهالحكيم: (((كتابٌ أنزلناهُ إليكَ لتُخرج الناسَ من الظلماتِ إلى النورِبإذنِ ربهم إلى صراطِ العزيزِ الحميدِ))) (1).
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
م