الوقفة الخامسة: رمضان شهر القرآن:
لشهر رمضان خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]. فرمضان والقرآن متلازمان إذا ذكر رمضان ذكر القرآن في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان
النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين
يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن فلرسول
الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة». في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان واستحباب ذلك ليلا فإن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع فيه الهمم ويتواطأ فيه القلب واللسان
على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئا وَأَقْوَمُ قِيلًا}
[المزمل: 6].
وكان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضتن وكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع دائما وفي رمضان وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليلة.
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: "فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام".
وقال ابن عبد الحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسه أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف".
وقال عبد الرزاق: "كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن".
وأنت – أختي المسلمة – ينبغي أن يكون لك ورد
من تلاوة القرآن يحبا به قلبك وتزكو به نفسك وتخشع له جوارحك وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال : فيشفعان»
الوقفة السادسة: رمضان شهر الجود والإحسان
أختي المسلمة:
حث النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام : «يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار» قال صلى الله عليه وسلم : «تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن .... ».
ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف وكانت صائمة في ذلك اليوم فقالت لها خادمتها: "أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟". فقالت: لو ذكرتني لفعلت؟!
أما الجود في رمضان فإنه أفضل الجود في غيره ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملا جميع أنواع الجود من بذل العلم والمال وبذل النفس لله تعالى في
إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم.
ومن الجود في رمضان: إطعام الصائمين:
فاحرصي أختي المسلمة على أن تفطري صائما فإن في ذلك الأجر العظيم والخير العميم قال النبي صلى اله عليه وسلم : «من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا» واحرص كذلك على الصدقة الجارية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»
الوقفة السابعة: رمضان شهر القيام:
أختي المسلمة :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالوا له : يارسول الله ! تفعل ذلك
وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال: «أفلا أكون عبدا شكورا» ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه».
وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي فيه الصلوات ومنها صلاة التراويح غير أن صلاتها في بيتها أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيتوهن خير لهن».
قال الحافظ الدمياطي: "كان النساء في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية لا يعرفهن من الغلس – أي الظلمة- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقال للرجال: مكانكم حتى ينصرف النساء ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن فما ظنك فيمن تخرج متزينة متبخره لابسة أحسن ثيابها وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم
النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟!".
فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد أن تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك وأنها ذاهبة لأداء الصلاة وسماع آيات الله عز وجل وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها.
بعض النساء يذهبن إلى المساجد مع السائق بمفردهن فيكم بذلك مرتكبات لمحرم سعيا في طلب نافلة وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهي خارجة من منزلها كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء» .
وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها.
الوقفة الثامنة: صيام الجوارح
أختي المسلمة:
اعلمي أن الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام فصامت عيناه عن النظر إلى المحرمات وصامت أذناه عن سماع
المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل وصامت يداه عن البطش المحرم وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام وصام لسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم فبالكلام الطيب
الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته فلا يتكلم الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذبا وغيبة ونميمة وحقدا وحسدا لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه أن يدع طعامه وشرابه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «... وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم».
وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم فإنه المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش».
الوقفة التاسعة: خطوات عملية للمحتفظة على الأوقات في رمضان
ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذا الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز والسعادة يوم القيامة وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويباعدها عن النار وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي:
الوقفة العاشرة: العشر الأواخر
أيتها الأخت في الله مضى من الشهر عشرون
يوما ولو يبق إلا هؤلاء العشر فالفرصة ما زالت أمامك قائمة والأجور ما زالت معدة فإذا كنت د فرطت فيما مضى من الأيام فإنما الأعمال بخواتيمها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله فهي والله أيام يسيرة وليال معدودة يفوز بها الفائزون ويخسر فيها الخاسرون.
كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل: "قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد وزادنا قليل قوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا !!!".
ومن فضل اله تعالى أن جعل ليلة القدر إحدى ليالي العشر الأواخر وهي أوتار العشر الأواخر من رمضان فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان».
وليلة القدر ليلة عظيمة وفرصة جليلة العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».
فاجتهدي أختي المسلمة في تحري ليلة القدر ولا تحرمي نفسك من هذا الأجر العظيم واعلمي أنك إذا قمت ليالي العشر كلها وعمرتيها بالعبادة والطاعة فقد أدركت ليلة القدر لا محالة وفزت إن شاء الله بعظيم الأجر وجزيل المثوبة.
دعاء ليلة القدر:
قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني».
وصلى الله على محمد وعلى آله و صحبه وسلم