1- علم الأجنة في زمن النبوة
وحتى نثبت وجه الأعجاز لهذا العلم في القرآن والسنة يجب أن نثبت أولاً أنه لم يكن هناك في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا قريباً منه ما يمكن أن تستسقى منه بالخبرة البشرية هذه المعلومات العلمية الخاصة بعلوم الأجنة والموجودة بالقرآن والسنة فلا يبقى إلا أن نسلم بهذا الوحي المعجز من الله تعالى. روى البخاري في صحيحه قال حدثنا أبونعيم، حدثنا سفيان ابن المنذر قال سمعت جابر قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول. فنزل قول الله تعالى: ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم...... ) (سورة البقرة:223).
إلى هذا الحد من الجهل كانت الخلفية عن علم الأجنة إذ ما قالوه ليس له علاقة من قريب أوبعيد بأصول علم الأجنة ولا انتقال الصفات أوحدوث التشوهات الجنينية.
2- علم الأجنة في التاريخ الإنساني
لقد استمرت هذه الظنون الخاطئة متداولة عند كثير من العوام والحكماء أكثر من ألف وثلاثمائة سنة بعد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان الفهم أن نموالأجنة يستند إلى مبدأين:
المبدأ الأول: نظرية الخلق المسبق (preformation theory )
والتي تعني أن الجنين إنما يكون على هيئته في رحم الأم من البداية ثم يكبر حتى اكتمال نموه.
المبدأ الثاني: نظرية الخلق المنفرد: أي أنه إنما ينشأ من أحد الأبوين لا كليهما...والذين قالوا بهذا القول الأخير قد إنقسموا إلى فريقين:
صورة للحيوان المنوي بداخلة جنين كما كان متخيلاً في القرن السابع عشر
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p: 9
الفريق الأول يقول إن منشأ الجنين إنما يكون من الأم وليس للرجل دور سوى أنه يتسبب فى بدء النمو. وقد انقسم هؤلاء إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أنه ينشأ من دم الحيض.. وقد استقر هذا المبدأ عند الكثيرين قبل وبعد الإسلام بسنوات طويلة ومن العجيب أنه حتى بعض علماء الإسلام ممن ليس لهم باع طويل في التفسير الصحيح والسنة الصحيحة قد تأثروا بذلك الزعم وشاركوا فيه.. ولكن الراسخون في العلم من علماء الكتاب والسنة ردوا القول على قائله بما عندهم من العلم.
قال ابن حجر: وزعم كثير من أهل التشريع أن مني الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يكون من دم ألحيض وأحاديث الباب تبطل ذلك. (1)
القسم الثاني:أن الجنين إنما هوإفراز من الرحم وأول من نادى بهذا هوالعالم هارفى 1651 حين نظر فى رحم غزالة فوجد فيها جنيناً معلقا ًبالرحم فظن أنه إفراز من الرحم.
القسم الثالث: قالوا إن الجنين موجود على هيئته فى بويضة الأنثى ثم يكبر بسبب الرجل والذى نادى بهذا الرأى هوالعالم ملبيجى 1675.
الفريق الثانى من علماء الغرب اعتقدوا أن الرجل هووحده مصدر الجنين ثم يكبر فى رحم المرأة وتبنى هذا الرأى العالمان هرمان ولوينهوك
Herman and leeuuenhoch.
وذلك بعد أن نظرا فى الحيوانات المنوية وتصورا وجود طفلاً فى رأس الحيوان المنوى ورسما لذلك رسماًُ مضحكاً بالنسبة للعلماء والعامة فى عصرنا هذا.