.:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة .:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:.
بســـمِ آلله الرحمآن الرحيم
السلآم عليكم ورحمة الله وبركآته
نتـمنى لكـــ قضـآء ـأوقـآت ممتــعه و مفيده معنـآ
ـإستمـتع برفقتنـآ وـاستفيد من مواضيعنا وأفيد
في منتدـآنـآ ـالرـآئع و ـالمتألق
منتـديـآت ♥️ طلبة جامعة منتوري قسنطينة ♥️
شكـرـآ لـزيـآرتنـآ
وشكرا لاشتراكك معنا....
اضغط على التسجيل اذا كنت / ي غير مسجل/ة
و على دخول اذا كنت عضو/ة
.:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة .:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:.
بســـمِ آلله الرحمآن الرحيم
السلآم عليكم ورحمة الله وبركآته
نتـمنى لكـــ قضـآء ـأوقـآت ممتــعه و مفيده معنـآ
ـإستمـتع برفقتنـآ وـاستفيد من مواضيعنا وأفيد
في منتدـآنـآ ـالرـآئع و ـالمتألق
منتـديـآت ♥️ طلبة جامعة منتوري قسنطينة ♥️
شكـرـآ لـزيـآرتنـآ
وشكرا لاشتراكك معنا....
اضغط على التسجيل اذا كنت / ي غير مسجل/ة
و على دخول اذا كنت عضو/ة
.:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة .:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة .:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:.

منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة - الجزائر
منتدى الطلبة الجزائريين و العرب

 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
ساعــة المنتدى
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» T.P du électricité السنة أولى بالغة العربية
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالإثنين 14 يناير 2019 - 0:15 من طرف boufris

» 232 مذكرة اختصاص مالية نقود و بنوك
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالأحد 16 ديسمبر 2018 - 23:03 من طرف Amona la

» التلوث البيئي واثره على التنمية السياحية والغطاء النباتي
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018 - 11:52 من طرف Yass

» الاعمال التطبيقية كهرباء RC
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالإثنين 2 أكتوبر 2017 - 17:27 من طرف gaetan

» النسخة الاخيرهـ من إنترنت داونلود مانجر IDM 6.3 Beta 10
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالجمعة 29 سبتمبر 2017 - 17:22 من طرف gaetan

» تأسّف
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 15 أبريل 2017 - 12:40 من طرف hassane1984

» مرحبا انا جديدة معكم
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالإثنين 20 مارس 2017 - 12:29 من طرف hassane1984

» اريد مساعدة منكم اذا ممكن
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالإثنين 20 مارس 2017 - 12:21 من طرف hassane1984

» أطفال حلبَ الضائعون
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالأربعاء 5 أكتوبر 2016 - 13:34 من طرف hassane1984

» المكتبة الرقمية
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 17 سبتمبر 2016 - 11:42 من طرف hassane1984

» الهيئات المشاركة في صنع السياسة الخارجية
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 17 سبتمبر 2016 - 11:02 من طرف hassane1984

» عاجل
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 4 يونيو 2016 - 1:37 من طرف cha_chou

» ممكن طلب مساعدة في موضوع : التقييم في مصالح الأرشيف لزميلة في معي في جامعة وهران
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالسبت 21 مايو 2016 - 12:01 من طرف yosra31

» بحث حول المجتمع المدني
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالأحد 28 فبراير 2016 - 0:17 من طرف ناصر الحق محي الدين

» بحث حول الديمقراطية
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2016 - 15:28 من طرف chinwi04

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
hassane1984 - 6878
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
وائل فلسطين - 3767
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
الخنساء - 2815
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
Ninjaa1 - 2415
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
الجزائر اسمي - 2385
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
Kenza Dk - 1948
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
القناص - 1781
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
lilia-labesta - 1423
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
ميسم - 1355
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
imene hanena - 1271
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_rcapالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_voting_barالنقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية I_vote_lcap 
مركز لرفع الملفات و الصور على الأنترنت
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Qmar15.com-dca0201ef0
nwail
ساعــة المنتدى

 

 النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
bls_raouf
طالب (ة) صاعد(ة)
طالب (ة) صاعد(ة)
bls_raouf


ذكر
عدد المساهمات : 62
العمر : 33
الإختصاص الجامعي : علاقات دولية و دراسات أمنية
مكان الإقامة : skikda
تاريخ التسجيل : 10/05/2011
السٌّمعَة : 1
نقاط : 5014

النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Empty
مُساهمةموضوع: النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية   النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية Emptyالخميس 22 نوفمبر 2012 - 21:05

مجلة الدفاع الوطني
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر
باحث في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، كاتب ومحلل سياسي في جريدة الديار

1- المقدمة
يبدو أن التهديد الإسرائيلي بتنفيذ هجوم جوي وصاروخي ضد المنشآت النووية الإيرانية قد تراجع بشكل كبير خلال شهر نيسان/أبريل 2012 نتيجة الضغوط الأميركية والانتقادات اللاذعة التي وجّهها قادة أمنيون إسرائيليون (سابقون وحاليون) إلى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع إيهود باراك المصرّين على ضرورة اعتماد الخيار العسكري في مواجهة الخطر النووي الإيراني.
تراجع احتمال وقوع الحرب بعد أن كان قد بلغ أوجه خلال الأشهر الأولى من هذا العام، وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالًا على صفحتها الأولى يوم الاثنين 30 نيسان/أبريل 2012 تحت عنوان «الخبراء يعتقدون بتراجع احتمال الصدام مع إيران». ورأى بعض هؤلاء الخبراء أن احتمالات وقوع حرب قد تراجعت من %60 إلى %30. لكن ما زالت احتمالات حصول صدام خلال هذا العام مرتفعة نسبيًا، وهي عالية مقارنةً مع ما كانت عليه الأمور في صيف السنة الماضية وخريفها(1).
ثمة قناعة لدى عدد من الخبراء المتتبعين الموضوع الإيراني بأنه من الممكن عودة أجواء التهديد إلى ما كانت عليه بعد الاجتماع الثاني بين إيران ومجموعة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا في بغداد في 23 أيار/مايو 2010، ويمكن توقّع عودة أجواء التوتر والتهديد إذا فشلت المحادثات في تحقيق أي تقدم أو في حال تأجيل الاجتماع أو إلغائه(2).
يمكن الاستنتاج أن التطوّر الإيجابي في الموقف الإيراني خلال محادثات إسطنبول لجهة القبول بالبحث عن مخرج من المأزق الراهن قد أفسح المجال لإعطاء العمل الديبلوماسي المزيد من الوقت ولتفكيك تعقيدات موضوع تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي دفع جميع «الصقور» في الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التزام موقع دفاعي مؤقّت وانتظار ما ستسفر عنه محادثات بغداد.
كان الرئيس أوباما قد واجه كل الضغوط التي مورست على إدارته وعلى الكونغرس لتحديد «الخطوط الحمراء» التي تفصل ما بين خياري الديبلوماسية والحرب والتي يتقرّر على أساسها اعتماد الولايات المتحدة الخيار العسكري ضد إيران(3).

تعرّض موقف نتانياهو وباراك لانتقادات لاذعة من قادة إسرائيليين سابقين وحاليين، وعلى رأسهم رئيس الموساد السابق مئير داغان والحالي تامير باردو، ولاحقًا من رئيس «شين بيت» السابق يوفال ديسكين، ومن رئيس الأركان الحالي بيني غانتز. ودخل على خط هذا النقاش الساخن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت حيث قال في مقابلة مع كريستيان أمنبور على شبكة «سي.أن.أن.»: «أعتقد أن اللجوء إلى القوة هو آخر الخيارات، وإني أفضّل أن يكون ذلك منوطًا بأميركا وبمساندة المجتمع الدولي، وذلك في حال فشل الجهود الأخرى». واعتبر أولمرت أن دور إسرائيل يجب أن يكون ثانويًا في حال اعتماد مثل هذا السيناريو. وأضاف: «يجب أن يبقى القرار بيد الولايات المتحدة، التي تقرّر حجم العمل العسكري وأهدافه، ويمكن أن تكون إسرائيل جزءًا من هذا الجهد ولكن يجب أن لا تقوده»(4).
يُظهر النقاش الإسرائيلي (السابق والراهن) مدى الخلاف الكبير داخل إسرائيل وخصوصًا ما بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع والخبراء الأمنيين والعسكريين بالإضافة إلى عدد من السياسيين. كما أنه يؤكّد تعارض المواقف بين القيادة الإسرائيلية والرئيس أوباما وإدارته، والذي يرفض الانسياق إلى الخيار العسكري في المرحلة الراهنة، ويرى أن الأولوية يجب أن تعطى للعمل الديبلوماسي لإيجاد مخرج من الأزمة مع إيران حول برنامجها النووي.

يهدف هذا البحث إلى استعراض مجريات النقاش الإسرائيلي والانقسام الحاصل حول خياري الحرب والديبلوماسية في ما خصّ الملف النووي الإيراني، مع ضرورة استطلاع أبعاد الخيار الإقليمية والأميركية، وسوف يتناول بحثنا خطة نتانياهو وباراك للهجوم على إيران، والصعوبات التي يمكن أن تعترضها، ورأي الخبراء الاستراتيجيين والعسكريين فيها. بالإضافة إلى الخيارات الإسرائيلية البديلة للحرب العسكرية. ويبقى السؤال الأساسي المطروح: هل تملك إسرائيل القدرات العسكرية اللازمة لتنفيذ سيناريو الحرب بنجاح؟ وهل يريد نتانياهو شنّ حرب على إيران أم أنه يستعمل التهديد كوسيلة لابتزاز الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي؟ ولا بدّ في هذا السياق من التساؤل أيضًا حول إمكان إحداث اختراق في جدار الموقف الإيراني المتصلّب خلال مؤتمرَي اسطنبول وبغداد، وحول قدرة إسرائيل على استغلال أي ثغرة لتعطيل العملية الديبلوماسية والعودة إلى قرع طبول الحرب ضد إيران.

2- النقاش الاستراتيجي في أبعاده الإقليمية
نجحت إسرائيل من خلال توقيع معاهدة كامب دايفيد مع مصر العام 1979 في تحقيق أمنها المباشر والحؤول دون اندلاع حرب تقليدية كبيرة كحرب العام 1973، حيث لم يبق أمامها سوى بعض التهديدات والمخاطر المحدودة التي يمكنها التعامل معها وإنهاؤها الواحدة تلو الأخرى. ولحق الأردن مصر في توقيع اتفاقية «وادي عربة للسلام»، والتي وجد فيها مخرجًا للتخلّص من الضغوط الفلسطينية والسورية، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني «بضمانة» إسرائيلية.
إلى ذلك إستطاعت إسرائيل من خلال غزوها لبنان العام 1982 التخلّص من الوجود الفلسطيني المسلّح في جنوب لبنان والبقاع الغربي وبيروت، في حين كان لبنان يواجه سلسلةً من الانقسامات والحروب الداخلية التي أدّت إلى تفتيته. أوجدت هذه الحالة اللبنانية، وعلى الرغم من استمرار أجواء العداء بين سوريا وإسرائيل، نوعًا من التوافق الضمني بما يحقق مصالح الطرفين في لبنان، وبموافقة أميركية – أوروبية. ونجحت سوريا بعد توقيع اتفاق الطائف العام 1989 في ضبط جميع القوى والجماعات السياسية والمسلحة في لبنان، بما فيها تلك المنتشرة في الجنوب بعد عملية «عناقيد الغضب» الإسرائيلية، والتوقيع على تفاهم نيسان، الذي دخلت فيه سوريا كطرف ضامن لتطبيقه.
أعطى الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003 ضمانات أمنية واستراتيجية جديدة لإسرائيل، حيث أسقط إمكانات قيام جبهة شرقية تضم سوريا والعراق ولبنان، تعوّض على سوريا الخسارة التي تسبّب بها خروج مصر من الصراع بعد توقيع معاهدة كامب دايفيد(5).

تعتبر إسرائيل أن خروج سوريا من لبنان في نيسان/أبريل العام 2005، وبضغط أميركي وأوروبي، قد شكّل السبب المباشر لحرب العام 2006 مع حزب الله، وذلك بعدما شعر الحزب ومن خلفه إيران بحرية الحركة والقرار، وزوال كل الضوابط. وبعد الغزو الأميركي للعراق وجدت إيران الفرصة سانحة للاضطلاع بدور إقليمي حلمت به لعقود طويلة، سواء في أيام الشاه محمد بهلوي أو بعد قيام الجمهورية الإسلامية. وكان من الطبيعي جدًا أن يتعارض هذا الدور مع طموحات إسرائيل إلى توسيع نفوذها إلى مناطق البحر الأحمر والخليج. وتشكّل إيران بمواردها البشرية والجغرافية والاقتصادية، بالإضافة إلى تحالفها الاستراتيجي مع سوريا وحزب الله وبعض المنظّمات الفلسطينية، علاوة عن فائض النفوذ الذي اكتسبته في العراق بعد الانسحاب الأميركي، قوة إقليمية كبرى لم يعد باستطاعة إسرائيل احتواؤها بمفردها، وقد بات من الضروري اللجوء إلى الولايات المتحدة وأوروبا للتعامل أو المساعدة في التعامل مع هذا التهديد الاستراتيجي لأمنها، خصوصًا في ظل الجهود الإيرانية الحثيثة لامتلاك التكنولوجيا النووية. في ظل هذا الواقع الاقليمي الجديد، الذي أعطى لإيران دور القوة الاقليمية الساعية إلى مد نفوذها وفرض هيمنتها وصولًا إلى حدود إسرائيل مع لبنان وغزة لم يعُد بإمكان إسرائيل الاعتداد بميزان القوى الذي فرضته على الدول العربية المجاورة أو من خلال فرض هيمنتها على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة(6).
في النقاش الإسرائيلي لصعود إيران كقوة إقليمية ساعية إلى الحصول على السلاح النووي، يجري التركيز الآن على مناقشة الخطر المترتب على امتلاك إيران السلاح النووي. ويشعر الخبراء الأمنيون الإسرائيليون بحالة من الاطمئنان حيال إمكان حدوث مواجهة تقليدية واسعة مع إيران وحلفائها في المشرق العربي. فإيران لا تمتلك في الوقت الراهن القدرات اللوجستية والقيادية اللازمة للمشاركة في عملية عسكرية واسعة بعيدًا عن حدودها، لكن يبدو أن أمد هذا القصور اللوجستي لن يطول في ظل تركيزها على زيادة قدراتها البحرية(7).

يدرك المسؤولون والخبراء الإسرائيليون المشاركون في النقاش حول امتلاك إيران التكنولوجيا النووية أن إيران ما زالت بعيدة عن صنع القنبلة النووية واجراء اختبارات من أجل التأكد من حسن تصميمها واشتغالها. ويدرك هؤلاء أن أفضل ما يمكن أن تقوم به إيران خلال فترة سنة أو سنتين هو إجراء تجربة نووية صغيرة تحت الأرض، وليس أكثر من ذلك(Cool. لكن إلى جانب القلق من امتلاك إيران التكنولوجيا النووية فإن القيادات الإسرائيلية ترى في التحالفات الاقليمية الواسعة التي أقامتها إيران تهديدًا حقيقيًا للأمن الإسرائيلي. ويخلص النقاش الإسرائيلي إلى أن نجاح إيران في تحصين تحالفاتها الاقليمية، إلى جانب اقترابها من امتلاك السلاح النووي سيعطيها قدرًا من الثقة بالنفس والمناعة، ما سيدفع دول المنطقة وكل من الولايات المتحدة وأوروبا إلى القبول بها كواقع لا يمكن تغييره أو تجاهله(9). وإذا نجح الرئيس الأسد في دحر المعارضة السورية وتفتيتها والبقاء في السلطة فإن ذلك سيصبّ في مصلحة إيران، بحيث يمكنها الاعتداد بامتلاك دائرة من النفوذ الحقيقي تمتد من حدود افغانستان مرورًا بالعراق وسوريا ووصولًا إلى لبنان. وستتحوّل إيران فعليًا إلى قوة إقليمية كبرى، تملك المساحة الجغرافية والموارد اللازمة لتهديد أمن إسرائيل، على الرغم من كل التفوّق التكنولوجي الذي تملكه هذه الأخيرة(10).
هناك العديد من المؤشرات التي تدلّ إلى أن إسرائيل قد قرّرت التخلي عن تعاطفها مع بقاء الرئيس الأسد في السلطة، وذلك بسبب الهواجس الاستراتيجية الجديدة، وباتت تفضّل قيام حكم سني بديل في دمشق، كوسيلة لكسر دائرة النفوذ الإيراني، وتقوية التيارات السنية المناوئة له. ثمة قناعة لدى عدد كبير من المشاركين في النقاش داخل إسرائيل حول ما يجب فعله تجاه قوة إيران المتنامية، ومفادها عدم إقدام إسرائيل بمفردها، ومن دون استعداد أميركي للمشاركة، على شن أي هجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية، وأن الحكمة تقضي بأن تستمر إسرائيل بشن حربها النفسية والمخابراتية ضد إيران، الأمر الذي يفسح المجال أمام الرئيس أوباما للإنصراف كليًا إلى إدارة معركته الرئاسية الثانية. ويشدّد العديد من الخبراء الإسرائيليين على التحذير من خطورة شن إسرائيل هجوم أحادي من خلال استعمالها بعض المطارات في اذربيجان المجاورة، من دون إعلام واشنطن مسبقًا بالأمر، حيث يمكن أن يتسبّب ذلك بإقفال مضيق هرمز بواسطة الألغام، وبالتالي التسبّب بأزمة إقتصادية دولية واسعة. ويؤكّد النقاش الدائر في إسرائيل أنه في ظل اعتماد إسرائيل الكلي على الدعم والمساعدات الأميركية (المال والسلاح) تتحتّم مراعاة تل أبيب المصالح الأميركية في المنطقة، وبالتالي فإن أي قرار بالهجوم على إيران يجب أن يكون مشتركًا بين إسرائيل والولايات المتحدة. ويؤدي هذا الترابط الاستراتيجي بين البلدين إلى فرض ضوابط على لجوء إسرائيل إلى قدراتها الجوية والصاروخية بشكل قد لا يقتصر فيه الأمر على إيران، بل يمكن أن يتوسّع ليشمل دولًا أخرى(11).

3- التهديدات الإسرائيلية
إستبقت إسرائيل صدور التقرير الجديد عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تطوّر قدرات إيران لإنتاج السلاح النووي بحملة إعلامية واسعة ترافقت مع مجموعة واسعة من النشاطات العسكرية التي كان هدفها المباشر الإيحاء أن حكومة نتانياهو هي في صدد الإعداد لشنّ ضربة إستباقية ووقائية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية(12).
في رأي خبراء عسكريين لا تعني التسريبات الإسرائيلية حول هذه الاستعدادات العسكرية أننا بتنا على أبواب حرب وشيكة بين إسرائيل وإيران، مع احتمال أن تتوسّع لتتحوّل إلى حرب إقليمية، تشارك فيها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. لكن هذا الاستنتاج لا يقلّل من عمق الأزمة القائمة حول الاتهامات التي ساقها التقرير الدولي الجديد، والتي يمكن أن توظّفها حكومة نتانياهو من أجل الإيحاء بجدّية استعداداتها لمثل هذه الضربة العسكرية التي تحدّثت عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية أوائل العام الحالي(13).
يبدو بوضوح أن الظروف الموضوعية لشن مثل هذا الهجوم لا تتوافر في الوقت الراهن، وأن الهدف من كل هذه الضجة الإعلامية وما رافقها من مناورات جوية في إيطاليا أو داخل إسرائيل، لا يعدو كونه محاولة إسرائيلية لتحريك المجتمع الدولي من أجل بذل المزيد من الجهود لاحتواء البرنامج النووي الإيراني(14). لكن ذلك لا يعني إطلاقًا أن إسرائيل ستقف مكتوفة الأيدي في المستقبل عندما تتأكّد من فشل الجهود الدولية في احتواء المشروع النووي الإيراني. في هذا الاطار لا بدّ من توقّع استمرار إسرائيل في السياسة الضاغطة التي تنتهجها الآن سواء على الصعيد الإعلامي أو على صعيد استكمال الاستعدادات العسكرية، بانتظار توافر الظروف المناسبة لشن ضربة وقائية ضد خطر امتلاك إيران لسلاح نووي، والذي يصفه الثنائي نتانياهو – باراك بالخطر المصيري.

تدرك القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية المخاطر والتداعيات التي يمكن أن يرتبها تنفيذها مثل هذه الضربة «الوقائية»، وهذا ما يمنعها من الانسياق نحو تكرار المغامرتين الناجحتين ضد مفاعل «تموز» في العراق، ومفاعل «الكبر» في سوريا. وفي الواقع لا تتوقف الحسابات الإسرائيلية عند ما يمكن أن تقوم به إيران وبعض حلفائها من ردود فعل عسكرية تستهدف الداخل الإسرائيلي، بل تتعدّى ذلك إلى احتساب النتائج وخصوصًا لجهة مفاعيل الضربة على البرنامج النووي الإيراني وحجم الأضرار التي يمكن أن تصيبه، وتأثير ذلك على الأجندة الإيرانية لامتلاك أول سلاح نووي. هناك العديد من المصاعب والعقبات التي يُواجهها المخططون الإسرائيليون، والتي تترك الكثير من الشكوك حول جدوى تنفيذ هجوم كهذا ، بالمقارنة مع الأثمان الباهظة التي يمكن أن تتكبدّها إسرائيل من جراء الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران ومع حزب الله في جنوب لبنان(15).

4- المصاعب والتداعيات
ستواجه إسرائيل في حال ركوبها مغامرة تنفيذ تهديداتها بضرب المنشآت النووية الإيرانية، مجموعة من المصاعب والتداعيات التي سيكون من الصعب جدًا تجاوزها، ومن أبرزها(16):
1- توزيع البرنامج النووي الإيراني على عدد كبير من المنشآت والمواقع تفصل بينها مسافات طويلة، ما يجعل إمكان تعطيل هذا البرنامج مهمة مستحيلة، مع الأخذ بعين الاعتبار الامكانات الإسرائيلية، التي قد لا تسمح بتنفيذ الهجوم ضد أكثر من أربعة إلى ستة مواقع إيرانية.
2 -لا تتوافر أي ضمانات حول نجاح القصف الإسرائيلي لبعض المنشآت الإيرانية الحساسة التي جرى بناؤها تحت الأرض أو في أقبية حفرت تحت الجبال مثل منشأة «قم» لتخصيب اليورانيوم.
3 -ثمة مواقع إيرانية سرّية لم يتم التعرف إليها من قبل أجهزة الاستعلام الدولية، وتعطي الفرصة لإيران للاستمرار في تنفيذ برنامج سرّي يوصلها إلى امتلاك السلاح النووي، على غرار ما فعلت في السابق كل من الهند وباكستان وإسرائيل. من هنا فإنه لا يمكن توقع وقف البرنامج النووي الإيراني إلا إذا قرّرت طهران ذلك.
4 -يدرك المخططون الإسرائيليون ضخامة تداعيات الهجوم على إيران ومخاطره ، كما يدركون مدى حاجتهم إلى مشاركة الولايات المتحدة في هجوم كهذا من أجل التأكّد من إمكان نجاحه في تدمير القسم الأكبر من البرنامج النووي الإيراني. وتبقى الصعوبة الكبرى في استحالة إقناع الولايات المتحدة بالمشاركة بعمل عسكري كهذا سواء بسبب التعقيدات التي سيخلّفها على المستويين السياسي والاستراتيجي أو بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها أميركا في الوقت الراهن. وسيؤدي أي إقفال «مؤقّت» لمضيق «هرمز» إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، وإلى تعميق الأزمة الاقتصادية والمالية على المستويين الأميركي والدولي.

تحاول إسرائيل من خلال هذا التصعيد في الموقف الإعلامي الذي يوحي بقرب موعد تنفيذ هجوم جوي وصاروخي ضد إيران، أن تدفع النقاش حول البرنامج النووي الإيراني على ضوء المعلومات والاستنتاجات التي تضمنها تقرير الوكالة الدولية، نحو التأكيد أن الجهود الديبلوماسية المترافقة مع سياسة العقوبات لن تؤدي إلى أي نتائج ملموسة، وأنها باتت تعكس ضعف القوى الغربية وتقصيرها في معالجة الرفض الإيراني لكل المخارج المطروحة. ويشدّد الموقف الإسرائيلي الراهن على أن الوقت لا يعمل لمصلحة المبادرات الغربية لاحتواء المشروع الإيراني، وأن إيران قد أصبحت على قاب قوسين أو أدنى من صنع أول سلاح نووي، ما سيعرّض الأمن الإسرائيلي لتهديد مصيري، وبالتالي بات من حق إسرائيل أن تعد العدة لاحتواء هذا التهديد من خلال عمل عسكري حاسم، وأن تطالب الولايات المتحدة والدول الغربية بتقديم المساعدة اللازمة لضمان نجاح العملية الهجومية(17).
يبدو أن القيادة الإيرانية قد أدركت أبعاد الخطة الإسرائيلية فردّت بقوة على لسان المرشد الأعلى الإمام علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، أنه سيجري الرد على أي نوع من التهديد والهجوم بقوة وبقبضة من حديد. ويؤشر موقفها المتشدّد إلى قناعتها أن الظروف الاقتصادية والاستراتيجية الراهنة التي تواجهها الولايات المتحدة ستحملها على رفض الانسياق مع أي مطلب إسرائيلي باللجوء إلى الخيار العسكري في المدى المنظور. وهنالك اعتقاد عام أن الاستراتيجية الأميركية ستقتصر في المرحلة الراهنة على استكمال النظام الدفاعي القادر على احتواء الخطر الإيراني وبمشاركة ست دول عربية خليجية، بقيادة المملكة العربية السعودية. قد نجحت الولايات المتحدة أخيرًا في ضمّ تركيا إلى استراتيجية الاحتواء هذه من خلال نصب رادارات إنذار وكشف على الأراضي التركية(18).

5- نقاش الخبراء الإسرائيليين
إعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن إسرائيل يجب أن تتخذ قرار التعامل مع خطر حصول إيران على السلاح النووي، وأن هذا القرار يجب أن لا ينتظر اليوم الذي تحصل فيه طهران على القنبلة النووية، بل البرهة التي تقترب فيها من «منطقة المناعة»، والتي تشكّل السقف الذي لا يعود من الممكن في ظلّه منع إيران من الحصول على السلاح. ورأى باراك في قرار إيران نقل عمليات تخصيب اليورانيوم من منشأة «ناطنز» إلى منشأة «فوردو» القائمة داخل جبل قرب مدينة قم اختراقًا لهذا السقف، بحيث تصبح أي عملية عسكرية تشن على إيران من أجل منع حصولها على القنبلة عقيمة ومن دون جدوى(19).
أثار موقف باراك شكوكًا لدى الولايات المتحدة حول النوايا الإسرائيلية، ومخاوف من أن تقوم إسرائيل بشن هجوم جوي ضد إيران من دون إعلامها بذلك. ردت واشنطن أن التعبير الذي استعمله باراك (منطقة المناعة) ليس له تعريف واضح، وأنه يؤشر إلى أن إسرائيل تنظر إلى المعضلة من زاوية ضيّقة، وأن هناك خيارات أخرى لتعطيل البرنامج النووي الإيراني غير الهجوم العسكري(20).
يدرك الجميع مدى تأثير مثل هذا الموقف الأميركي الرافض للخيار العسكري الإسرائيلي على الوسط السياسي والإعلامي داخل إسرائيل، خصوصًا بعد دخول وزير الدفاع الأميركي ليون أنيتا ومختلف القيادات العسكرية على خط المعالجة واستيضاح النوايا الإسرائيلية. واستدعت خطورة الموقف تدخّل الرئيس أوباما من خلال مخابرة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

فجّر الموقف الإسرائيلي نقاشًا واسعًا في الولايات المتحدة وإسرائيل تركّز على البحث عن إجابات عن عدد من الاسئلة: هل يمكن أن تهاجم إسرائيل إيران؟ اذا كان لديها القدرات العسكرية هل تنفّذ هجومًا كهذا؟ ما هو توقيت هذا الهجوم؟ وما هي الخطة المعتمدة؟
صدرت عشرات التصريحات والمقالات الصحافية، وخصّصت محطات التلفزة حلقات عديدة لمناقشة هذه العناوين مع مسؤولين حاليين وسابقين وخبراء استراتيجيين في الولايات المتحدة وإسرائيل. وبلغ النقاش حدود إثارة أزمة ثقة بين واشنطن وتل أبيب ما استدعى تدخّل رئيس الوزراء نتانياهو ليحزم الأمر ويطلب إلى الجميع التزام الصمت وإقفال النقاش(21).
ونظرًا إلى أهمية الموضوع على المستويين الجيوستراتيجي والأمني، نجد أنه من الضروري استعادة بعض المناقشات التي جرت في إسرائيل حول طريقة التعامل مع هذا التحدي الإيراني وتحليلها، مع التركيز على العناوين الأساسية وعلى آراء عدد من الخبراء الاستراتيجيين والسياسيين المعروفين بأبحاثهم الجدّية أمثال: الجنرال شلومو بروم والدكتور الباحث في الشؤون النووية شايي فيلدمان والخبير في العلاقات الدولية السفير شيمون ستاين، وآخرين.
إنطلق النقاش في معظم الأحيان من فرضية تقول إن حصول إيران على السلاح النووي يشكّل «تهديدًا مصيريًا» لإسرائيل، وذلك انطلاقًا من التهديدات الصادرة على لسان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وغيره من القادة حول ضرورة محو إسرائيل من الوجود. ويرى الاستراتيجيون والخبراء أن هذا النقاش لم يعتمد الدقة المطلوبة حيث تجنّب المشاركون فيه اعتماد تعريف واضح لعبارة «الخطر المصيري»(22). ورأى البعض أنه من الناحية الفنية يمكن لإيران في حال حصولها على بضعة رؤوس نووية أن تفكر باستعمالها لتدمير إسرائيل. لكن وزير الدفاع ايهود باراك لم يتبنّ هذه الفرضية حيث اعتبر إسرائيل دولة قوية تملك وسائل الرد المناسب على كل أنواع التهديدات التي تواجهها. ويعتبر آخرون أمثال رئيس الموساد الحالي تامير باردو والرئيس السابق إفرايم هليفي أن إيران لا تشكّل «تهديدًا مصيريًا» بمجرد الحصول على السلاح النووي، طالما أن إسرائيل تمتلك وحدها قوة نووية كبرى في المنطقة(23).

يرى الخبراء أن المهم في الأمر ليس حصول إيران على السلاح النووي بل في قدرة إسرائيل على استعمال عامل الردع لديها لمنع إيران من استعمال هذا السلاح. في المقابل تتأثّر مفاعيل الردع بقدرة إيران على إجراء حساب للربح والخسارة في حال استعمال السلاح النووي، وأيضًا على مدى إدراك القيادات الإيرانية لحجم «العقاب» الذي يتوقّعونه. وهنا يطرح السؤال: هل يعتبر من يتحدّثون عن الخطر المصيري أن قادة إيران هم «فاعلون عقلانيون»؟ إذا كانوا كذلك فإنهم لن يخوضوا «المغامرة المميتة»، في مواجهة حصول إيران على القنبلة النووية. يمكن لإسرائيل اعتماد عامل الردع النووي في مواجهة الخطر النووي الإيراني، بدل ركوب المغامرة العسكرية مع كل ما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات على إسرائيل وعلى المنطقة وعلى الاقتصاد العالمي(24).
ويتحدّث الباحثون الإسرائيليون عن تأثير حصول إيران على السلاح النووي على المستوى الاقليمي، حيث أن الأمر لا يقتصر على المعادلة الاستراتيجية بين إيران وإسرائيل، بل يشمل الدول العربية الرئيسة وأيضًا تركيا. وقد يتسبب امتلاك إيران القنبلة النووية بخلل في موازين القوى بينها وهذه الدول، بحيث لا يمكن تصحيحه إلا بسعيٍ حثيث من قبلها للحصول على السلاح النووي، ما يفتح سباقًا نحو التسلّح وبالتالي حصول مزيد من الانتشار النووي(25). كما يمكن أيضًا أن تتحرّك إيران بعد امتلاكها السلاح النووي باتجاه فرض هيمنتها على كل منطقة الخليج، وبالتالي تدخّلها في الشؤون الداخلية لهذه الدول من خلال الاعتماد على فائض القوة الذي تملكه أو من خلال تحريك الشرائح الشيعية داخل هذه الدول.
فردود الفعل في حال حصول إيران على السلاح النووي لن تقتصر على إسرائيل بل ستشمل تركيا ومصر والسعودية، وان أي قرار تتخذه إسرائيل لتفعيل عامل الردع لديها لمواجهة التهديد الإيراني، سيشجع الدول الثلاث على العمل للحصول على السلاح النووي. أما بشأن سوريا فإن الخبراء الإسرائيليين يرون أنها غارقة في حال من الفوضى، وأنه سيمر وقت طويل قبل استعادة قواها ودورها على المستوى الاقليمي. ولا يبدو أن إيران على استعداد لتوفير مظلة واقية للنظام السوري وذلك تجنبًا للاصطدام بالقوة الاقليمية والدولية التي تفتش عن صيغة للتدخّل ضد نظام بشار الأسد. لكن في حال تمكّن النظام السوري من قمع الانتفاضة وإخمادها، فإنه يمكن أن يستفيد مستقبلًا من المظلة النووية الإيرانية في المواجهة مع إسرائيل(26). لا يأخذ الخبراء الإسرائيليون أي موقف واضح حول مدى استفادة حزب الله وحماس من العامل النووي الإيراني. ويبقى من المشكوك فيه أن تحاول إيران استعمال مظلتها النووية لحماية حزب الله في حال تعرّضه لهجوم إسرائيلي كاسح.

يمكن أن تقنع الولايات المتحدة كل من السعودية ومصر بعدم السعي إلى الحصول على سلاح نووي خاص بهما، بل بالاستعاضة عن ذلك بمظلة نووية أميركية في مواجهة التهديد النووي الإيراني. أما بشأن تركيا فإن الاستنتاج يذهب إلى أن تركيا هي عضو في حلف شمال الأطلسي، وتقع حكمًا تحت المظلة النووية لدول الحلف، كما أنها ستدخل ضمن الدول التي ستتركّز على أراضيها شبكة الدفاع الصاروخية الجديدة.
يشمل النقاش الإسرائيلي عامل الوقت، إي تصوّر الفترة اللازمة لإيران لبناء أول سلاح نووي انطلاقًا من المعلومات التي وفرها تقرير الوكالة الدولية الأخير أو من المعلومات الخاصة التي تملكها الولايات المتحدة وإسرائيل. ويذهب النقاش إلى طرح مسألة الاختيار ما بين إقرار ضربة استباقية لمنع إيران - أو تأخيرها - من الحصول على القنبلة، أو القبول بسياسة العزل والعقوبات المشددة التي تعتمدها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. يبقى محور النقاش الأساسي ما يأتي: هل إن الوقت الفاصل عن صنع القنبلة هو كاف لتؤدي العقوبات المشدّدة كامل دورها ومفاعيلها على المستويات السياسية والاقتصادية والتقنية كلها بحيث تتراجع إيران عن جهودها الراهنة لامتلاك السلاح النووي.
يذهب بعض الخبراء إلى أن عمليات التخريب الجارية على البرنامج النووي، مع التركيز على إضعاف قدرات إيران على التخصيب قد يؤخّر حصولها على كميات كافية من اليورانيوم المخصّب بدرجة %20، والذي يمكن تحويله في فترة قصيرة إلى وقود نووي(27).
ويذهب البعض الآخر إلى الاستنتاج أنه قد يكون من المنطقي عدم التسرّع وتنفيذ هجوم على إيران، وذلك بانتظار منح عمليات التخريب والعقوبات المشدّدة الفترة اللازمة من أجل إقناع إيران بالقبول بتسوية. لكن يبدو أن نتانياهو ما زال يرفض هذا الخيار.

6 -خطة نتانياهو لضرب إيران
نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في صفحتها الأولى في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2011 مقالًا للصحافي الإسرائيلي ناحوم بارنيا تحت عنوان «الضغوط النووية» اتهم فيه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع إيهود باراك ببذل جهودهما للتحضير لعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. كما يتهم رئيس الوزراء بأنه ينطلق في مقاربته من نظرة رؤيوية (مستمدّة من سفر الرؤيا) ومن ثقة مطلقة بقدرة إسرائيل على شن هجوم جوي كاسح لتدمير المنشآت النووية الأساسية في إيران، وذلك انطلاقًا من تجاربها السابقة والناجحة في شن هجمات وقائية ضد المفاعل النووي العراقي العام 1981، وضد الموقع النووي السوري في موقع «الكبر» في شمال سوريا في أيلول/سبتمبر العام 2008 (28). ويعتقد نتانياهو وباراك أن إسرائيل ستكون قادرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني من الجو على غرار ما فعلته في التجربتين السابقتين. وفي إطار توسيع النقاش داخل إسرائيل حول احتمال لجوء نتانياهو وباراك إلى خوض مثل هذه المغامرة الخطيرة، نشرت الصحيفة في اليوم التالي تحقيقًا حذّرت فيه من التداعيات التي يمكن أن تترتّب على هذا الهجوم ضدّ إيران، حيث يفترض توقع سقوط أعداد كبيرة من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى على عشرات المدن الإسرائيلية، مع احتمال أن تتعرّض عشرات الأهداف الإسرائيلية المنتشرة في دول عديدة لهجمات إرهابية يشنّها عملاء إيرانيون. كما أنه لا يستبعد سقوط بعض الطيارين أسرى في أيادي الحرس النووي الإيراني(29).
أثار مقال بارنيا والتحقيق نقاشًا واسعًا داخل إسرائيل، شارك فيه الإعلام وبعض السياسيين إلى جانب عدد من القياديين الأمنيين والعسكريين. فعبّر وزير داخلية إسرائيل ايلي يشاي من حزبٍ شاس عن الهواجس التي تراوده حول ما يمكن أن يحدث من ردود فعل على أي هجوم إسرائيلي ضد إيران بقوله: «إني مصاب بأرق وقلق حول إمكان شن إيران وحليفها حزب الله من لبنان هجومًا ضد إسرائيل». في ظلّ هذا النقاش، أجرت صحيفة «هآرتس» استفتاءً حول الموضوع، كشف عن أن أكثر من نصف الرأي العام الإسرائيلي لا يؤيّد شن مثل هذا الهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية(30).

تخلّلت هذا النقاش الساخن جملة اتهامات ضد نتانياهو مفادها أنه ينطلق من رؤية إيديولوجية، ومن القياس على عمليات عسكرية سابقة من أجل توريط إسرائيل في حرب خطيرة، من دون إعطاء الشعب الاسرائيلي الفرصة لمناقشة النتائج السياسية والعسكرية التي يمكن أن تترتب عليها. وتُقارن اندفاعة نتانياهو وباراك بما حدث في الولايات المتحدة العام 2003 في شأن قرار الحرب على العراق، حيث اتخذ بوش مدعومًا من نائب الرئيس تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد قرار الحرب، على الرغم من كل النصائح التي أسداها له ضباطه وقادة الأجهزة الاستعلامية.
كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد استبقت هذا النقاش بإطلاق حملة دبلوماسية بدأت أواسط شهر أيلول/سبتمبر 2011 حيث كلفت السفراء الإسرائيليين بالعمل على إقناع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول غربية أخرى، بفرض عقوبات قاسية ضد إيران في محاولة جديدة لدفعها للتخلي عن عمليات تخصيب اليورانيوم وذلك على ضوء صدور تقارير من الوكالة الدولية للطاقة النووية تتهم فيها إيران بالسعي إلى صنع قنبلة نووية يمكن استعمالها بواسطة الصواريخ الباليستية. أرادت الخارجية الإسرائيلية أن تستبق في حملتها الديبلوماسية ما سيحمله التقرير الدولي الجديد الذي أصدرته الوكالة الدولية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، والذي كان من المتوقّع أن يتضمّن تفاصيل تؤشّر إلى جهود إيران الحثيثة لصنع قنبلة نووية(31).
تلتقي إسرائيل مع الولايات المتحدة على ضرورة استعمال النتائج التي أوردها تقرير الوكالة الدولية من أجل فرض عزلة كاملة على إيران. وتقترح الخارجية الإسرائيلية، وفق ما أبلغه السفراء لواشنطن، وباريس، ولندن وبرلين، أن تشمل العقوبات الجديدة قطع كل الاتصالات مع البنك المركزي الإيراني، وفرض حظر على مشتريات النفط الإيراني، وتقييد حركة الطيران المدني والمراكب البحرية التجارية الإيرانية(32).

يبدو أن الحملة التي شنتها وزارة الخارجية لم تقنع نتانياهو وباراك حيث تحدّث تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» الاربعاء 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 عن سعيهما إلى تسويق فكرة الهجوم الجوي ضد إيران داخل مجلس الوزراء، كما عن نجاحهما في إقناع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بدعم خيار الهجوم بعدما كان قد أبدى سابقًا معارضة واضحة للخيار العسكري(33).
إن ما يحدث داخل إسرائيل سواء لجهة إدخال تحسينات واجراء تجربة على صواريخ «أريحا3-» والتي تحوّلت إلى صواريخ عابرة للقارات، بالإضافة إلى التحسينات التي أدخلت على صواريخ «كروز» الجوالة التي تستعمل من الغواصات، يؤكّد إجراء استعدادات واسعة ليشمل الهجوم أسلحة الجو والبحر والصواريخ أرض – أرض البعيدة المدى.
وقد ربط بعض التقارير التي نشرتها وسائل الاعلام بين المناورات التي تجري في الداخل الإسرائيلي لمواجهة خطر تعرّض إسرائيل لقصف مصدره إيران وحلفاؤها، بالإضافة إلى المناورات الجوية التي نفّذها سلاح الجو الإسرائيلي في جزيرة سردينيا الإيطالية، وبين الاتهامات التي ساقها ضدها عدد من القادة الأمنيين والعسكريين السابقين والحاليين. وكان أول من كشف عن نوايا نتانياهو وباراك في الإعداد لمثل هذا الهجوم على إيران، الرئيس السابق لجهاز «الموساد» مئير داغان في 11 آذار/مارس 2012، حيث اعتبر ذلك «أسوأ فكرة على الإطلاق»، إذ أن الهجوم سيتسبّب بكارثة وحرائق تغطي المنطقة ما بين المتوسط والخليج وبحر العرب، وستكون نتائجه غالية الثمن على القوات الأميركية العاملة في منطقة الخليج(34).
ويبدو من المعلومات المتوافرة في الاعلام الإسرائيلي والأميركي أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مع المؤسسات الأمنية الرئيسة تعارض كل خطط نتانياهو سواء في الإعداد لضرب إيران أو للسياسات التي يتّبعها تجاه الفلسطينيين ومواقفه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتصرّ على ضرورة ملاقاة هذا الأخير في منتصف الطريق. لكن وعلى الرغم من هذه المعارضة التي ظهرت إلى العلن، هناك معلومات عن محاولات تبذل من قبل نتانياهو وباراك لاستكمال جهودهما من أجل تسويق فكرة الهجوم وبالتالي الإلتفاف على القيادات العسكرية والأمنية المعارضة لهذا الخيار.
لقد ربط عدد من المحللين في فترة سابقة خطة الهجوم وتوقيته بالقرار الأميركي للإنسحاب من العراق في نهاية العام 2011، متهمين نتانياهو بمحاولة جر الأميركيين إلى حرب يبدأها مع إيران قبل انسحابهم من العراق، وعلى أساس أن القوات الأميركية في العراق والكويت ستتعرض إلى هجمات إيرانية مباشرة أو بواسطة الحلفاء مما سيدفعها إلى الدفاع عن نفسها وعن قواعدها وبالتالي الإنزلاق لتكون شريكة لإسرائيل في حرب واسعة وطويلة. لم يحدث ذلك بسبب الضغوط الأميركية. لكنه بقي من المستبعد أن يذهب نتانياهو وباراك نحو اعتماد خيار كهذا من دون الحصول على موافقة أميركية(35).
يبدو بوضوح أن هناك توافقًا في التقييم الذي تعتمده واشنطن للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني وبين رؤية القادة العسكريين والأمنيين في إسرائيل، حيث يتفق الطرفان على ضرورة استكمال الجهود الديبلوماسية وتشديد نظام العقوبات وتنفيذ المزيد من عمليات التخريب ضد المنشآت النووية الإيرانية.

7- الحرب السرية ضد إيران
أشارت السلطات التايلاندية عن ضلوع ثلاثة عملاء إيرانيين في التحضير لهجوم يستهدف السفارة الإسرائيلية في تايلاند. وتحدثت المعلومات التي نقلتها وكالات الإعلام الدولية عن وقوع انفجار غامض ومفاجئ في منزل مؤلف من طبقتين، نتيجة خطأ تقني إرتكب عند إعداد متفجّرة مصنوعة من مادة سي4- الشديدة الانفجار. وبعد ملاحقة الأشخاص الضالعين في هذه العملية وتوقيفهم تبيّن للسلطات أنهم إيرانيون وفق ما أذاعته الشرطة التايلاندية(36).
كان قد سبق حصول هذا الحادث أن تعرضت في العاصمة الهندية نيودلهي في 14 شباط/فبراير 2011 سيارة ديبلوماسية تابعة للسفارة الإسرائيلية لانفجار جرحت من جرائه زوجة الملحق العسكري الإسرائيلي. وتحدّثت معلومات وسائل الاعلام من نيودلهي عن مسؤولية عملاء إيرانيين عن الحادث، ونقلت - ومن دون سابق إنذار أو مقدمات - أخبارًا عن محاولة نسف سيارة أحد الموظفين في السفارة الإسرائيلية في العاصمة الجورجية تبليسي. وتوحي هذه الأحداث المتلاحقة وكأننا أمام مسلسل من الأعمال البوليسية.
كان من الطبيعي أن تنكر السلطات الإيرانية ضلوعها في مثل هذا المسلسل، وأن تدّعي أن شريط الرعب المزعوم هو من صنع المخابرات الإسرائيلية ويأتي في سياق الحملة التحريضية التي تقودها حكومة نتانياهو من أجل تغطية عملياتها السرية داخل إيران من جهة، ومن أجل تغطية الأخبار المتناقلة حول خطة عسكرية لضرب المراكز النووية الإيرانية من جهة ثانية، إضافة إلى محاولة إسرائيل إقناع الولايات المتحدة الأميركية بعدم معارضتها، وبتوفير الدعم من أجل احتواء ردود الفعل الإيرانية «القاسية» على مثل هذا الهجوم.
يبدو بوضوح منذ فترة سنتين على الأقل أن هناك حربًا سرّية تشنها إسرائيل ضد إيران من أجل تخريب جهودها لإنتاج الوقود النووي سواء من خلال استهداف أجهزة التحكّم في وحدات «الطرد المركزي» المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، أو من خلال تنفيذ سلسلة من الاغتيالات لعدد من علماء إيران النوويين وقد نجح «الموساد» الإسرائيلي في تنفيذ بعضها في قلب العاصمة طهران.

تفيد معلومات مصدرها طهران عن نجاح «الموساد» الإسرائيلي في تطويع عدد من العملاء المحليين من أجل تنفيذ مسلسل من الاغتيالات لأبرز العاملين في البرنامج النووي الإيراني، ومن بينهم رئيس منشأة «ناطنز» النووية المخصصة لأعمال تخصيب اليورانيوم. وتأكيدًا لوجود مثل هذا المخطط الإسرائيلي، أصدرت محكمة الجنايات في طهران حكمًا قضى بإعدام المواطن الإيراني مجيد جمالي فاشي شنقًا لضلوعه في اغتيال أحد العلماء النوويين، وبعد اعترافه بأنه قد جرى تطويعه وتدريبه داخل إسرائيل على عملية الاغتيال التي نفّذها(37).
وتتحدث المعلومات الإيرانية عن أول عملية اغتيال كان قد جرى تنفيذها في 12 كانون الثاني/يناير 2010، وكان هدفها الفيزيائي النووي مسعود علي محمدي، وذلك بواسطة دراجة نارية ملغومة ركنت أمام منزله. واستهدف انفجار في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من السنة نفسها إثنين من العلماء الأكاديميين النوويين، بواسطة قنبلة لاصقة مغناطيسيًا ألصقها على جانب سيارتهما عميلان يركبان دراجة نارية تجاوزت سيارتهما في أثناء سيرها في الشارع أمام جامعة الشهيد بهشتي في طهران، وقد قتل العالم مجيد شهرياري، وهو من مؤسسي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بينما نجا زميله العالم فريدون عباسي الذي تمّت ترقيته لاحقًا ليصبح أحد المسؤولين الكبار في المشروع النووي الإيراني وفق ما أفادت مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية(38).
تؤشر هذه العمليات إلى نجاح عملاء الموساد في إحداث اختراق مخابراتي وأمني كبير داخل طهران، وذلك استنادًا إلى ما يتطلبه النجاح في تنفيذ مثل هذه الاغتيالات ضد أشخاص يفترض تأمين حماية مشدّدة حولهم. وكانت الإتهامات الإيرانية قد شملت الولايات المتحدة في شن هذه الحرب (غير التقليدية)، والتي تقوم على تنفيذ هجمات سرية لتأخير إحراز أي تقدم إيراني سريع في تطوير الوقود النووي.
وسارعت الولايات المتحدة بلسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون بالإضافة إلى الناطق الرسمي بإسم البيت الأبيض إلى إنكار مشاركة الولايات المتحدة في اغتيال العالم النووي الإيراني مصطفى أحمدي روشان في 11 كانون الثاني/يناير 2012، أو الضلوع في أي عملية اغتيال أخرى. في المقابل لم يبادر أي مسؤول إسرائيلي إلى انكار إمكان أن تكون المخابرات الإسرائيلية وراء هذه الحرب السرّية ضد البرنامج النووي الإيراني والقائمين عليه.
وسبق أن تعرّضت أجهزة السيطرة الالكترونية لأجهزة «الطرد المركزي» العاملة في إيران لهجوم العام 2010 بواسطة فيروس «ستوكس نت» حيث تسبّب ذلك بتعطيل عدد كبير من أجهزة «الطرد المركزي» في منشأة «ناطنز»(39).

رفضت الولايات المتحدة ربط عمليات الاغتيال والتخريب داخل إيران بنشاط طائراتها «من دون طيار» فوق إيران، واعتبرت أن الموضوعين منفصلان نهائيًا، مع تأكيدها أن الحرب على الإرهاب لا تتضمّن قتل مدنيين داخل إيران.
ورأى الصحافي الإسرائيلي رونين برغمان من صحيفة «يديعوت أحرونوت» وهو متخصّص في الشؤون المخابراتية أن «جهاز الموساد قد اعتاد خلال سنوات استهداف أعداد من بينهم من لهم علاقة بالانتشار النووي»، وأضاف أن «حصيلة عمليات الاغتيال هي شلّ القدرات العلمية والعلماء، والتهويل على من يسلم منهم»(40).
ويبدو أن نتائج هذه الحرب السرّية قد دفعت رئيس الموساد السابق مئير داغان إلى القول في مقابلة تلفزيونية «لقد تخلّفوا (الإيرانيون) عن الرزنامة التي جهدوا للحفاظ عليها».
من المؤكد أنه لا يمكن توقع أن تشكّل هذه الحرب السرّية أداة فاعلة لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي. إلا إن الإرباك والتهويل لا يمكن أن يغنيا عن عمل حاسم لمنع إيران من الحصول على القنبلة، سواء عن طريق اعتماد الخيار الديبلوماسي أو العسكري.

8- القيادة العسكرية تعارض
في ظاهرة غريبة تمثل خروجًا فاضحًا على كل الأعراف والتقاليد السياسية والعسكرية، عبّر رئيس الأركان الجنرال بيني غانتز في مقابلة نشرتها صحيفة «هآرتس» الأربعاء 25 نيسان/أبريل 2012 عن موقف يتعارض كليًا مع مواقف رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو حول المشروع الإيراني النووي، والاستراتيجية التي يمكن أن تعتمدها إسرائيل لمواجهته(41).
فقد عبّر الجنرال غانتز عن اعتقاده بأن إيران لا تريد الإقدام على صنع القنبلة النووية وحيازتها، وذلك انطلاقًا من تقويمه أن «القيادة الإيرانية مؤلفة من أشخاص عقلانيين جدًا». يلتقي هذا التصريح مع ما سبق أن عبّر عنه وزير الدفاع إيهود باراك للإذاعة الاسرائلية العامة في اليوم نفسه إذ قال إن إيران «لم تقرر إنتاج القنابل النووية حتى الآن».
تتناقض تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مع مضمون خطاب نتانياهو الأخير الذي انتقد فيه اجتماع إسطنبول حيث اتهم «الأشخاص الذين يرفضون التهديد الإيراني بأنهم لم يتعلموا شيئًا من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية».
ويتناقض موقف غانتز من نوايا إيران النووية مع ما دأبت القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية على تكراره من اتهامات ضد إيران، وخصوصًا مع تصريحات سلفه الجنرال غابي اشكنازي. لكن غانتز ينفي وجود مثل هذا التناقض في الموقف الداخلي حول أهداف إيران، مؤكّدًا ضرورة اعتماد مقاربة هادئة وبعيدة من ردات الفعل الغاضبة، حيث يقول «إذا امتلكوا القنبلة فنحن الدولة الوحيدة في العالم التي ينادي أحدهم بتدميرها، ويبني أيضًا الأسلحة لقصفنا. يجب أن لا نفقد الأمل، فنحن دولة هادئة. إن دولة إسرائيل هي الأقوى في المنطقة، وستبقى الأقوى. يمكن، لا بل يجب صنع القرارات بهدوء ورويّة ومسؤولية تاريخية، ومن دون أن نصاب بالهستيريا». يبدو بوضوح أن هذه التصريحات تلتقي مع الأفكار التي عبّر عنها نظيره الأميركي رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن دامبسي، في أثناء زيارته قبل ثلاثة أشهر لدولة إسرائيل حيث وصفت مهمته أنها محاولة لتهدئة روع القيادات الإسرائيلية، وتأخير اللجوء إلى الخيار العسكري في مواجهة إيران(42).
لم يقتصر الخلاف بين المقاربة التي اعتمدها كل من غانتز ونتانياهو حول وجود نوايا إيرانية لصنع القنبلة أو الوقت الذي تمتلك فيه إيران الوقود النووي والتكنولوجيا اللازمة لصنعها، بل تعدّى التناقض هذه الأمور إلى التقويم الخاص للقيادات الإيرانية، حيث وصفهم غانتز بالعقلانيين، فيما يصر نتانياهو على أنهم أصوليون ومتعصبون ومصممون على تدمير إسرائيل. وهذا يطرح السؤال: هل تحوّل الجنرال غانتز إلى داعية للسلام؟

صبّت تصريحات الجنرال غانتز في اتجاه «الموقف المتراجع» نفسه، الذي بات يعبّر عنه وزير الدفاع باراك بعد زيارته الأخيرة لواشنطن. ويبدو أن توقيت هذا الاعتدال يخدم التوجهات الأميركية والأوروبية للبناء على اجتماعات إسطنبول في 23 أيار/مايو 2012، والتي من المقرر أن تُستأنف في بغداد. وتتركّز وجهة النظر الغربية على ضرورة بذل المزيد من الجهود الديبلوماسية المترافقة مع العقوبات الاقتصادية لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم وفتح جميع منشآتها النووية أمام المفتشين الدوليين. وسيكون هناك متسع من الوقت للعودة إلى الخيار العسكري في حال فشلت القنوات الديبلوماسية في تحقيق الأهداف المرجوة. ولا بدّ أيضًا من الإشارة إلى مدى إدراك كل من باراك وغانتز حاجة إسرائيل إلى الحصول على الدعم الأميركي غير المحدود ديبلوماسيًا ولوجستيًا واستعلاميًا لأي عملية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وكان من الطبيعي أن تثير تصريحات غانتز المتعارضة مع مواقف رئيس الحكومة نتانياهو بعض التساؤلات والتفسيرات داخل إسرائيل وخارجها. وقد عبّر خبير الشؤون الإسرائيلية – الإيرانية مئير جافدانفار، عن ترحيبه بهذا التطور في الموقف الإسرائيلي، والذي أبعد النقاش عن الهوس الهستيري الذي اتسم به خلال الأشهر الماضية. وقال جافدانفار: «لا أحد في إسرائيل يريد أن يرى إيران تتسلّح نوويًا، فالمعضلة تكمن في أن نتانياهو قد اتخذ موقفًا مغاليًا من البرنامج النووي الإيراني، وربطه بإمكان حدوث محرقة يهودية جديدة، ما تسبّب بإضعاف مشروعية الهواجس الإسرائيلية تجاه إيران»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النقاش الإسرائيلي حول الخطر النووي الإيراني بين خياري الحرب والديبلوماسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. منتديات طلبة جامعة منتوري قسنطينة .:Ƹ̵̡ӝ̵̨̄ʒ:. :: منتديات العلوم الانسانية والاجتماعية :: قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية-
انتقل الى: