علاقة علم النفس بالعلوم الأخرى
علم النفس ليس علما منفصلا عن العلوم الاخرى في تفسيره للسلوك الانساني والظواهر النفسية المختلفة،ولكنه يحاول ان يستفيد من كل منها ،كما أنه يتأثر بالمبادئ والأساليب والطرق المستخدمة في كل منها.
هناك صلة وثيقة تربط علم النفس بطريقة مباشرة واحياناً غيرمباشرة بمختلف علوم المعرفة الطبيعية منها والاجتماعية والانسانية ومنها:-
1-علم النفس وعلم الوراثة:
يساعد علم الوراثة على التعرف على ماضي الفرد واثره في حاضره ومستقبله فلا شك ان سلوك الفرد يتوقف ويتأثر الى حد ما على ما ورثه من الاباء والاجداد وهذ يتطلب دراسة العوامل الوراثية للمجتمع والبيئة التي يعيش فيها فالعمليات العقلية والحالات الانفعالية كلها استعدادات وراثية فطرية عامة ولاشك ان سلوك افراد المجتمع هي نتاج وراثة هذه العمليات والانفعالات 0
2-علم النفس وعلم الطب والتشريح:
لامجال لدارسة النفس الا بالتعرف على الجسم واخذه بعين الاعتبار فمن الملاحظ ان الجسم الصحيح ينتج عنه افعالاً نفسية صحيحة بينما يميل المرض الى اظهار النفس بمظهرمختلف، ان علم النفس يقول اليوم بوحدة النفس والجسم وبتعاونهما معاً في اصدار السلوك ،ويؤكدعلى انه لابد في دراسة النفس من دراسة الجسم والتعرف على الحواس المختلفة والجهازالعصبي والجهاز الغدي مما يلقي الضوء على الظاهرة السلوكية0
3-علم النفس وعلم وظائف الأعضاء(الفيسيولوجيا):
علم النفس جزء لا يتجزأمن الفسيولوجيا، فإذاكانت الفيسيولوجيا تدرس وظيفة كل عضو من الأعضاء، فإن علم النفس يهتم بالدراسة الكلية الاجمالية لهذه الأعضاء في علاقتها ببعضها البعض، ويتضح ذلك بشكل كبير في دراسة الانفعالات وكيف أن وظائف الأعضاء تؤثر في الحالة النفسية للإنسان،وكيف تؤثر الحالة النفسية للإنسان على هذه الأعضاء والتغيرات الفسيولوجية الناتجة عنها. فتغير كمية الهرمونات التي تفرزها الغددالصماء بالنقصان او الزيادة لا شك وأنها تحد ث آثارنفسية متعددة أثبتتها التجارب والبحوث،كما أن انفعالات الغضب والخوف وغيرها تحدث تغيرات فسيولوجية في الاعضاء سواء في ضغط الدم أوالقلب أو الغدة الدرقية...الخ. ولا شك أنه لا يجوز لعلم النفس أن يبتعد الفسيولوجيا اذا أراد فهما أفضل للانسان ككل متكامل.
4-العلاقة بين علم النفس والتربية:
هناك علاقة تكاملية تلازمية بين كل من علم النفس والتربية طالما أن مجال اهتمامهما هو الإنسان وطالما أن الهدف هو نمو الإنسان والإرتقاء به وجعله أكثر توافقا وتكيفا مع نفسه والآخرين والمجتمع الذي يعيش فيه. وقد تبلورت هذه العلاقة في ظهورعلم النفس التربوي الذي يهتم بالحقائق والقوانين والمبادئ النفسية في مجال التربية والتعليم .
5-العلاقة بين علم النفس وعلم الاجتماع:
ان علم النفس يهتم بكثير من المشاكل التي يبحثها علم الاجتماع ويساهم مساهمة فعالة في خدمة المجتمع ، فمثلاً بحوث علم النفس في الاحساس والادراك والتذكر والتفكير والانفعالات لدى افراد المجتمع وكذلك في تكوين الاسرة والنظم الاجتماعية واساليب تفاعل وتكوين الجماعات وما يحدث فيها من عقائد وعادات وتقاليد وكل هذه الامور لها اثر العامل النفسي للفرد ومن هنا نشأ فرع خاص في علم النفس هو علم النفس الاجتماعي وهو علم قائم على اساس المزاوجة بين علم النفس وعلم الاجتماع
6-علم النفس وعلوم الدين:
وهناك صلة اكثر ارتباطاً بين علم النفس وعلوم الدين بتعاليمه وقوانينه وشرائعه السماوية ،فقد قدم لنا القران الكريم امثلة ومسميات لكل حالة نفسية يمر بها الانسان خلال قوة وضعف التزامه بتعاليم الدين ومنها النفس الامارة بالسوء عندما يكون الانسان رهين شهواته النفسية وعلى العكس من ذلك اذا كان الانسان مهذب لنفسه وعلى علاقة قوية بالله وملتزم بتعاليمه واوامره سميت نفسه بالنفس الراضية والمطمئنة وكذلك قدمت لنا السنة الشريفة والتراث الاسلامي امثلة عن معرفة الانسان نفسه وهي اعظم المعرفة فمن خلال هذه المعرفة يعرف ربه وعظمته ويعرف كيف يتعامل مع ابناء جنسه ومن امثلة تلك الاحاديث: ( اعظم المعرفة معرفة الانسان نفسه) (من عرف نفسه عرف ربه) (عجبت لمن لايعرف نفسه كيف يعرف غيره) وغيرها من الروايات والاحاديث التي توكد على معرفة النفس.
7-العلاقة بين علم النفس والفيزياء:
اذاكان علم الفيزياء يهتم بدراسة خصائص المادة في صورها المختلفة،فإن علم النفس يهتم بدراسة خصائص النفس الانسانية وما يصدرعنها من ظواهر نفسية شعورية ولا شعورية،كما يدرس الطاقة النفسية عند الفرد،وقد استفاد علم النفس من مبادئ وأسس علم الفيزياء ويتضح ذلك منذ البدايات الأولى لعلم النفس منذ أعمال الفيلسوف النفسي "ديكارت" الذي اهتم بدراسة رد الفعل الحسي،وكذلك "هوبز"الذي اعتقد في امكانية تحول العمليات العقلية لتصبح في صورة حركية.
8-علاقة علم النفس بالكيمياء:
لقد تأثر علم النفس بالكيمياء على نفس النحو الذي تأثر به بعلم الفيزياء،ويتضح هذا التأثير منذ المدرسة الارتباطية في علم النفس التي كان يتزعمها "لوك"و"هارتلي"و"هيوم " و" سبنسر" والتي كان من مسلماتها الأساسية (أن الاحساسات هي عناصر العقل ووحداته وذراته وتكون هذه الاحساسات في بداية الأمر غير مترابطة وغير منظمة ثم تترابط وتنتظم فيما بعد وفقا لما بينها من تشابه أواختلاف-تجاذب أوتنافر وهذا الترابط يتم على نحو آلي ميكانيكي يشبه في طبيعته الجاذبية أو تشبه العملية التي يتم بها تآلف الذرات أو اتحادها معا لتكون مركبا كيميائيا ،وهنا يتضح التأثير والعلاقة بين علم النفس والكيمياء ،ليس هذا التأثر لدى علماء النفس الارتباطيين فحسب بل منذ أن كان علم النفس جزءا من الفلسفة كان هناك تأثر بعلم الكيمياء والمبادئ التي يقوم عليها وطبيعة التفكير الكيميائى فنجد كل من هيروقليطس وديمقريطس ينظران للنفس بأنها تتألف من ذرات نارية،تخضع في ظهورها وتبدلها إلى نفس القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية والاجتماعية.
9-العلاقة بين علم النفس وعلوم الرياضيات والاحصاء:
هناك علاقة نفعية بين علم النفس وعلوم الرياضيات وتتبدى هذه العلاقة في مجال دراسة الذكاء وبخاصة دراسته من المنظور الاحصائى ،كماتتضح أيضا في قياس الذكاء واستخدام المعادلات الرياضية لاستخراج معامل الذكاء،كما تتضح كذلك في موضوع آخر من موضوعات علم النفس وهودراسة الفروق الفردية وتوزيعها بين الافراد واستخدام منخحنى التوزيع الاعتدالي،كذلك استخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري ومقاييس النزعة المركزية لقياس هذه الفروق سواء كانت داخل الفرد أوبين الأفراد أوبين المجتمعات،كذلك تتضح حاجة علماء النفس للاحصاء في اعداد الاختبارات النفسية وحساب معاملات الثبات والصدق واستخدام المصفوفة الارتباطية والتدوير لهذه المصفوفة للكشف عن البناء العاملي والصدق العاملي للمقياس أو الاختبار،وماظهور البرامج الاحصائية الخاصة بالعلوم الاجتماعية إلادليل على هذه العلاقة القائمة بين علم النفس وعلم الرياضيات والاحصاء منها حزمة البرامج الاحصائية للعلوم الاجتماعيةSPSS .
ويتضح من خلال ذلك أن علم النفس له علاقة بكل العلوم الاخرى،أحيانا تكون هذه العلاقة قائمة على العطاء واستفادة العلوم الأخرى منه،وأحيانا تكون علاقة نفعية فيها يستفيد علم النفس من العلوم الاخرى،وأحيانا أخرى تكون العلاقة تكاملية لايمكن تحديد من الذي يستفيد ومن الذي يفيد.
وبذلك فإن علم النفس من خلال هذه العلاقات المتبادلة بينه وبين فروع العلم الأخرى يكون اكتسب دورا هاما يتجلى في الانسان في كافة مناشط حياته.