نظريات التكامل الإقليمي
تندرج دراسة التكامل الإقليمي في إطار ثلاث نظريات، لكل منها بؤرة الدراسة الخاصة بها وكذلك إستراتيجية البحث التي تتبعها.
2 - 1 النظرية الاتحادية
يمكن تقسيم المنظرين الاتحاديين للتكامل إلى مجموعتين مجموعة أيديولوجية
تهتم ببناء نظرية للعمل تؤدي إلى إنشاء اتحاد إقليمي، ومجموعة ثانية تعني
بدراسة ومراقبة أنماط التكامل الإقليمي وتتفق المجموعتان في اهتمامهما
بدراسة المؤسسات وإنشائها وهما تكرسان جهودهما كذلك لكتابة الدساتير
والبحث في تاريخ الكيانات الاتحادية القائمة.
وأسلوب المجموعة الأولى أكثر أيديولوجية، والاحتياجات
المنسوبة إلى الشعوب والأمم هي المكونات الأساسية لنظريتها وتفترض هذه
النظرية أن هذه الشعوب والاسم وبمجرد قوة احتياجاتها ستصل أو يجب أن تصل
في النهاية إلى نظام اتحادي ويصف أتباع هذه النظرية الإستراتيجيات
والنماذج الضرورية لقيام المؤسسات ولتحقيق التضامن الإقليمي.
أما مجموعة المنظرين / المراقبين، فإنها مع اهتمامها بالمسائل المؤسسية،
فقدت تدريجيا هويتها الخاصة كمنهج مستقل في دراسة التكامل واقتربت من
أتباع الوظيفية - الجديدة ولقد استمرت هذه المجموعة على تمسكها بالاتحادية
لأسباب تتعلق باستخلاص القواعد إلا أنها مع ذلك لا تصل إلى حد اعتبار أن
كل آفات المجتمع ترجع إلى التشتت وإن الاتحادية هي العلاج السحري لها ولا
يتحدث المنظرون / المراقبون على الاحتياجات هي العلاج السحري لها ولا
يتحدث المنظرون / المراقبون عن الاحتياجات الشعبية قدر حديثهم عن التوزيع
الأمثل للمهام بين الوحدات الحكومية في إطار مشاركة شعبية متزايدة ولقد
أولوا كذلك اهتماما متزايدا للمسائل الخاصة بالعملية التكاملية ووصل كارل
فريدريش وهو أهم المنظرين الاتحاديين إلى الحديث عن عملية نشأة الاتحاد
بعبارات لا تختلف كثيرا عن مجمل المطالب والتوقعات والمساومة الرشيدة وعن
المؤسسات التي يراقبها ويحدد معالمها أتباع الوظيفية - الجديدة.
2 - 2 نظرية الاتصالات
يرى كارل دويتش، وهو أول الدراسين المندرجين في إطار هذه النظرية، إن
التكامل السياسي هو تحقيق شعور بوجود جماعة والانتماء إليها يصحبه قيام
مؤسسات وممارسات رسمية أو غير رسمية ويكون هذا الشعور وهذه المؤسسات من
القوة والانتشار بحيث تنشأ ثقة معقولة بأن العلاقات بين أعضاء المجموعة
ستتطور سلميا خلال فترة طويلة من الزمن. وتشكل هذه المجموعة
الآخذة في التكامل جماعة أمنية ويوجد من الجماعات الأمنية نوعان - التعددية والموحدة.
وتحتفظ الوحدات الأعضاء في الجماعات التعددية بسيادتها شبه كاملة بينما
تنصهر الوحدات الأعضاء في الجماعات الموحدة في دول بسيطة، أو في اتحادات
دول أو في دول اتحادية وتقول نظرية الاتصالات أنه في ظل ظروف معينة لابد
أن يؤدي نمط مكثف من الاتصالات بين الكيانات الوطنية إلى قيام جماعة أمنية
وتطرح النظرية بعض الافتراضات الأخرى عن الثقة، والصداقة، والارتباط
والتواؤم بين القيم وتحقيق المكاسب المشتركة والتضامن والاهتمام المتبادل
ومشاعر الهوية أو الولاء المشترك. وتطرح نظرية الاتصالات افتراضاتها بشكل
واضح تماما فهي تقول مثلا أنه إذا وصلت التبادلات إلى مستوى معين في ظل
توازن في الأعباء والإمكانيات فإن التضامن المتبادل بين الصفوة سيرتفع،
وإذا ارتفع التضامن المتبادل بين الصفوة فلابد أن تنشأ جماعة أمنية أي أن
نظرية الاتصالات تعمل على إثبات العلاقات بين بعض المتغيرات على مستوى
المنظومة ولا تأخذ في الاعتبار الإدراك أو الحوافز التي تحرك البشر