هو عملية وحالة نهائية، على حد سواء. ويكون هدف الحالة النهائية عندما تندمج الأطراف الفاعلة هي تكوين جماعة سياسية. وتتضمن العملية أو العمليات الوسائل أو الأدوات التي تتحقق بوساطتها تلك الجماعة السياسية. ثمة شرط هام ينبغي إدراجه على الفور. يجب أن تكون عملية الاندماج (التكامل) طوعية وبتوافق الآراء. أما الاندماج الذي يجري بالقوة والقسر فهو امبريالية. رغم أن بناء الامبراطوريات تاريخياً يتصف ببعض الخصائص التي تعزى حالياً إلى الاندماج، فإن الأبحاث الحديثة تصر على أن عملية الاندماج يجب أن تعتبر غير قسرية. وانطلاقاً من منظور تاريخي نجد أن أهم المحاولات الرامية لبناء جماعات سياسية كانت تتوجه نحو إنشاء دول الأمة. وكثيراً ما كانت المشاعر القومية تفضل وصف ذلك على أنه توحيد وليس اندماجاً. وبوسع الأبحاث الراهنة، بتأكيدها على الاندماج بين الأطراف الفاعلة من الدول، أن تقدم رأياً أبتر للعملية إن لم يتم إيلاء اعتبار واجب لأغراض بناء الأمم العائدة لعهود سابقة.
لا بد للجماعة السياسية المدمجة من أن تكون لديها بعض الخصائص البنيوية. فالاندماج بين الدول سوف ينتج، نموذجياً، شكلاً جماعياً لصنع القرار هو أقرب للنوع المثالي فوق القومي وليس دولياً. مثلاً، قد يتم اتخاذ القرارات الجماعية بأكثرية الأعضاء ويتم التخلي عن مبدأ الإجماع. وتكون الحاجة إلى تكامل السياسة ذات أهمية خاصة إذا كانت الجماعة الوليدة مسؤولة عن توزيع السلع والخدمات على الوحدات المكوِّنة. وهذا ما يحدث بالتأكيد في تلك الحالات التي يكون فيها بناء الجماعة السياسية مرهوناً بالاندماج الاقتصادي عبر الاتحادات الجمركية والأسواق المشتركة. هذا الجانب من بناء الجماعة قد شغل بشكل خاص اهتمام وانتباه دارسي الاندماج في فترة ما بعد 1945.
في الحد الأدنى، يفترض الاندماج وجود جماعة أمنية، أي نظام علاقات تخلى عن القوة والقسر كوسيلة لتسوية الخلافات. وخلافاً لهذا الشرط سوف يشجع الترابط الاقتصادي المشتركين المفترضين على الانخراط في أنواع العمل الجماعي المشار إليه أعلاه بغية تعزيز المصالح المتبادلة. ومن شأن الإقليمية – المعبر عنها استناداً إلى التشابه والتجاور على حد سواء – أن تعزز هذه النزعات. ومع المضي في عملية الاندماج سوف تتولى المؤسسات المركزية مهام ومسؤوليات وتفويضات جديدة. وهذا التوسع في المهمة التنظيمية، كما كانت تدعى، سيقترن بشكل إيجابي بعملية الاندماج.
في الجماعة المندمجة، تصبح للعمليات السياسية خصائص كثيراً ما تقترن بالسياسة ضمن الدول وليس بين الدول. فمثلاً"، تبدأ الأحزاب السياسية وجماعات المصالح في الضغط من أجل الطلبات وتفصح عن المصالح في المركز وفي المحيط. بل إنهم سيفضلون في النهاية التركيز على مكان القوة السابق وتنشأ جماعات تمثل مصالح اقتصادية واجتماعية وبيئية ودينية إضافة إلى تدابير حزبية تقليدية. وإذا كان الاندماج الاقتصادي مرحلة أولية أساسية لبناء الجماعة السياسية فقد يمكن بالتأكيد اقتران هذه الجماعات بقضايا الثروة والرفاه. فـ "قواعد اللعبة" بالنسبة لهذه الجماعات سوف تتضمن بشكل واسع الرغبة في العمل ضمن النظام بغية تحقيق أهدافها وبشكل خاص التزام بالتعددية كأسلوب سياسي. هذه الخاصية التعددية للعمليات السياسية سوف تؤدي إلى نشوء السياسة التي تتخطى الحدود القومية مع إدراك قسم متزايد الأهمية للسكان ضمن الدول الأعضاء أن المزيد ثم المزيد من توقعاتهم وطموحاتهم يتحقق ضمن البنية المدمجة.
يتعين على الجماعة السياسية تأمين ولاء ومحبة أكثرية السكان في وحداتها المكونة. وقد وفرت القومية، تاريخياً، خلال تكوين الدول الأمة، البنية التحتية الايديولوجية والموقفية لتحول الولاء هذا. يترتب على الجهود المعاصرة الرامية إلى بناء الجماعات "بما يتجاوز الدولة الأمة"، يترتب عليها مهمة توفير مركز جديد للنمو الجابذ والقيام في الوقت ذاته بمجابهة اتجاهات القومية النابذة. وقد سعت جميع المذاهب النفعية والنفعية الحديثة والفيدرالية والكونفيدرالية للتصدي لهذا الجانب الحاسم للاندماج بطرقها الخاصة.
إن الاندماج عملية بالغة الإقناع في النظام السياسي العالمي المعاصر. وقد كان تطورها منذ 1945 إلى حد كبير على أساس إقليمي وحدثت أعظم عمليات التقدم ضمن أوروبا الغربية. وقد كان تطور جماعة أمنية هناك بعد الحرب العالمية الثانية شرطاً مسبقاً هاماً. وعلى الصعيد الخارجي كان تشجيع الولايات المتحدة اعتباراً من مشروع مارشال فصاعداً عاملاً مساهماً هاماً في ظهور كيانات جديدة في القارة. ومع ازدياد عدد الأطراف الفاعلة في التجربة الأوروبية فقد رأى بعض المراقبين أن الدينامية آخذة في الضعف. ومن جهة أخرى، فقد ازداد نطاق الاندماج – الذي يقاس بعدد القطاعات/ القضايا التي تنطوي عليها عملية الاندماج.