جاءت إلى حيّز الوجود في يوليو 1967 تنفيذاً لـ "معاهدة الدمج" المؤرّخة يوليو 1965. كما يوحي الاسم فقد أوجدت هذه الوثيقة سلسلة من المؤسسات المشتركة من الجماعات الأوروبية الثلاث التي سبق تأسيسها في مرحلة ما يسمّى "دمج (تكامل) القطاعات" في خمسينيات القرن العشرين. وأهم المؤسسات المشتركة في هذا الدمج هو مجلس الوزراء واللجنة الأوروبية. وعلاوة على ذلك فقد شاركت الجماعة الأوروبية في عضوية مشتركة، كانت تتضمن في 1967 دول البينيلوكس وفرنسا وإيطاليا والمانيا الغربية (رسمياً جمهورية المانيا الاتحادية). في 1992 أعاد توقيع معاهدة ماستريخت حول الاتحاد الأوروبي تصنيف الجماعة الاقتصادية الأوروبية حيث إن الجماعة الأوروبية والاتحاد الأوروبي أصبحا مصطلحين مقبولين لهذه الجماعية. وعند توقيع معاهدة ماستريخت كانت العضوية قد تضاعفت من الدول الست الأصلية لتصبح اثنتي عشرة دولة: فقد انضمّت الدانمارك وايرلندا والمملكة المتحدة عام 1973، واليونان في 1981 والبرتغال واسبانيا في 1986. وقد حرّرت نهاية الحرب الباردة طلبات عدد من المحايدين وفي 1995 أصبحت النمسا وفنلندا والسويد أعضاء في الاتحاد. والأهم أيضاً هو أن المجلس الأوروبي قبل في 1993 بأن تقبل عضوية الجماعة الأوروبية/ الاتحاد الأوروبي كهدف سياسي معقول جميع دول أوروبا الوسطى والشرقية التي كانت سابقاً داخل الكتلة السوفياتية.
لقد شهدت المنطقة الأوروبية بعض أكثر حالات الاندماج (التكامل) الإقليمي أهمية في العلاقات الدولية في القرن العشرين، وكانت العملية نتيجة مباشرة للدمار الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية والإدراك بأن أفضل وسيلة لتحقيق الانتعاش السياسي والاقتصادي والاجتماعي هي التخلي عن التمحور حول الدولة واستبداله بجماعة أمنية مندمجة عبر الاندماج (التكامل) القطاعي الوظيفي في أول الأمر. وتمثلت الخطوة الأولى بإنشاء جماعة الفحم والصلب الأوروبية في 1951 من خلال معاهدة باريس على اثر مقترحات خطة شومان (Schuman) لعام 1950. وكان يعتقد بأن اشتراط هذه الصناعات الثقيلة التقليدية يتصدى لقضية ما يسمى "القدرة الحربية" للدول من خلال حرمان الموقعين من قدرة استعمال هذه القوة الصناعية من أجل خدمة مصالح قومية ضيقة. شمل أعضاء جماعة الفحم والصلب الأوروبية الدول الأوروبية الغربية الست المنوّه عنها آنفاً. وظلت المملكة المتحدة – وذلك ليس للمرة الأخيرة – نصف منفصلة. ومن الأهمية بمكان أن جماعة الفحم والصلب الأوروبية كانت في بنائها للمؤسسات الكبش الطليعي لمنظمات معاهدة روما.
لم تسفر الخطط لإنشاء جماعة دفاع أوروبية وجماعة سياسية التي وضعت في منتصف 1950 عن شيء, لكن العملية الاندماجية (التكاملية) في مجال قضية الثروة/ الرفاه تعزّزت من خلال إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية والجماعة الذرية بوساطة معاهدة روما عام 1957. فمن حيث الجانب المؤسسي قدّمت جماعة الفحم والصلب الأوروبية نموذجاً للدور الذي تقوم به مؤسسات روما. كان من الواضح أن الدول الست المؤسِّسة كانت عازمة على تأسيس اتحاد جمركي من شأنه أن يؤثر في نطاق واسع من الأنشطة الاقتصادية. وقد تحقق ذلك – قبل الموعد المقرّر – في يوليو 1968. وفي الوقت نفسه كان من الواضح أن عدداً هاماً من النخب السياسية والجماهير الواعية في الدول الست المؤسِّسة ملتزمين بأشكال أوثق من التعاون الاقتصادي كهدف طويل الأجل. وقد وضع مؤتمر قمة للدول الست انعقد في لاهاي عام 1969 الهدف التالي للجماعة الاقتصادية بوصفه الاتحاد الاقتصادي والنقدي. وفي الوقت ذاته كان قد زال الموقف المبدئي ضد انضمام المملكة المتحدة والذي كان سمة ديغولية. وكانت التوسعة المشار إليها آنفاً كبيرة من حيث توسعة البيئة المحلية للجماعة الاقتصادية. وفي الوقت نفسه كان ينظر إلى كل من الدانمارك والمملكة المتحدة على أنهما تفضلان الحكومية الدولية (intergovernmentalism) بدلاً من الفوقومية (supranationalism). ومما لا شك فيه أنها أصبحت مخففة خلال اتساع الروح الجماعية في سبعينيات القرن العشرين.
لقد أدى القرار بالمضي قدماً نحو برلمان أوروبي يتم انتخابه مباشرة إلى إحياء الذهنية الفوقومية. وقد أنشأ تصويت 1979 التزاماً ممتداً ببرلمانات مدتها خمس سنوات، وبالتالي بانتخابات عبر الجماعة كلّها. وقد عمل الأعضاء الشيء الكثير لتثبيت توقعات الفوقوميين ومخاوف الحكومية الدولية من أن من شأن البرلمان أن يغير تغييراً هاماً الأجندة الفيدرالية. وأصبح البرلمان في جوهره جمعية تأسيسية. وأوجد في 1984 مشروع معاهدة للاتحاد الأوروبي. وقد سبق للمجلس الأوروبي أن أعرب عن التزام مماثل بالهدف الاتحادي في السنة السابقة لإعلانه الذي صدر في شتوتغارت، وفي حين أن مشروع معاهدة البرلمان كان أكثر راديكالية من مبادرة شتوتغارت التي قام بها رؤساء القمم، فإنهما كانا يشيران إلى الاتجاه نفسه. وكان مقدّراً لرد فعل الدول الأعضاء أن يأخذ شكل القانون الأوروبي الوحيد لعام 1986. وقد حقق هذا عدداً من الغايات: فقد قنَّن المجلس الأوروبي والتعاون السياسي الأوروبي كحقائق وجودية وقلّص كثيراً الدرجة التي كان يسير فيها صنع القرار على أساس قواعد الإجماع واستبدل بها تصويت الأكثرية المقيّد، لا سيما في التحركات نحو سوق واحد. وأخيراً فقد تم تحديد هدف الاتحاد الاقتصادي والنقدي بشكل محدد في القانون الوحيد.
كانت معاهدة ماستريخت المؤرّخة بـ 7 فبراير 1992 أهم مراجعة للمعاهدات التي أنشأت الجماعة الأوروبية منذ استهلالها في خمسينيات القرن العشرين. تمثل ماستريخت دمج الرافِدين: الاتحاد الاقتصادي والنقدي والاتحاد السياسي – في نقطة التقاء تمثلت في الاتحاد الأوروبي. فالاتحاد الحالي ليس مجرد الجماعة تحت اسم آخر. بل هو مرحلة أخرى في الرحلة إلى المصير المجهول الذي وضعت تفاصيله لدى استهلال الجماعة. وفي الوقت نفسه أصبح الهيكل التنظيمي للجماعة الأوروبية يمثل قدرة الجماعة على استيعاب التغيير ضمن النطاق الحاصر الذي وضع أول الأمر في معاهدتي باريس وروما.
يظل مجلس الوزراء الهيئة صانعة القرار في الجماعة الأوروبية/ الاتحاد الأوروبي. ويتكون المجلس من ممثلين عن حكومات الدول الأعضاء. ويعمل بموجب توجيهات سياسية عامة يضعها المجلس الأوروبي (وهو الاسم الذي تعرف فيه الاجتماعات الدورية لرؤساء الدول والحكومات). ويتعاون مجلس الوزراء تعاوناً وثيقاً مع البرلمان في إعداد مقترحات الميزانية ومع اللجنة في تنفيذ قرارات السياسة. ويعد المجلس المحور السياسي للمنظمة. وبما أنه يمثل المصلحة الوطنية فهو أقل المكونات اندماجاً. إن معاهدتي باريس وروما لم تتوخّيا قط المجلس الأوروبي آنف الذكر لكنه نشأ عن الحاجة إلى دبلوماسية القمة لحل القضايا وتحديد الاتجاهات الجديدة. وكما أوضحنا فقد تم تقنين وجوده بموجب القانون الوحيد, فمجلس الوزراء والمجلس الأوروبي يمثلان معاً الحكومة الدولية ضمن النظام.
تتمثل سكرتارية المنظمة باللجنة الأوروبية. ويستخدم مصطلح "اللجنة" (commission) بمعنيين في الجماعة الأوروبية؛ في الاستعمال الأول تتمثل اللجنة بالعشرين من أعضائها (commissioners) الذين يشغلون مناصبهم لمدة خمس سنوات ويشرفون على عدد من الحقائب. وبالمعنى الثاني تتمثل اللجنة بـ"الأوروقراطيين" (Eurocrats)، أي الموظفين المدنيين الذين يديرون الشؤون اليومية للمنظمة. وعادة يكون المقصود باللجنة المعنى الأول. وتعتبر اللجنة عادة اللاعب الفوقومي (supranational) الرائد في المنظمة والمدافع عن مصالح الدول الصغيرة أمام الأعضاء الكبار. ومن المتصور أن تسعى اللجنة والبرلمان إلى الوقوف في جهة واحدة لموازنة القوى الحكومية الدولية لمجلس الوزراء
والمجلس الأوروبي في المستقبل.