الخنساء :. مشرف سابق .:
عدد المساهمات : 2815 العمر : 22 تاريخ التسجيل : 21/04/2009 السٌّمعَة : 27 نقاط : 16288
| موضوع: بيان فساد المعيار للعلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي الأحد 14 مارس 2010 - 19:59 | |
| موضوع للأخ Admin
المقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد : ـ
فإن من أشد الفتن والمحن على الإسلام والمسلمين في هذا العصر ظهور فئة تدَّعي أنها على منهج أهل السنة والجماعة ، ولكنها مع الأسف لا تعمل إلا ضد هذا المنهج وأهله ظاهراً تارة ، وخلف أقنعة تارة أخرى وقد وضعت على عاتقها عبئاً ثقيلا ألا وهو الدفاع عن أهل البدع والضلال، فألفوا في ذلك الكتب ، ودبجوا فيه المقالات وأشاعوا هذا الدفاع في العالم تحت شعار العدل والإنصاف أو منهج الموازنات ، وغلوا في فقه الواقع وطعنوا به في علماء المنهج السلفي ؛ بل وانتقصوا به منهجهم وكثر به الطعن في المنهج وأهله ، ولا ترى لمنهج العدل والإنصاف أي أثر في خصومتهم لأهل المنهج السلفي ولا في تمجيدهم وإطرائهم لأهل البدع ، ثم إنهم مع تلفعهم بالمنهج السلفي لا ترى اهتمامهم به إلا بقدر ما يخدعون به من ينخدع بهم وبلباسهم لكي يجتالوهم إلى تنظيماتهم الحزبية الفاسدة ويقتلوا فيهم حب المنهج السلفي والدعوة إليه والذب عنه والسير فيه على منهج السلف الصالح ولاءً وبراءً وتحذيراً من أهل البدع، فصرفوا أجيالاً عن المنهج الحق والولاء الصادق له إلى الولاء الحار لأهل البدع والذب عنهم وعن بدعهم وأباطيلهم أو التهوين من شأن بدعهم إلى أن أوصلوهم إلى أحط من غلاة المرجئة في نظرتهم إلى كبريات البدع والمخالفات الكبيرة لدين الله الحق .
وفي المقابل فقد بلغ بهم البغض لحملة لواء السنة والمنهج السلفي أن يجعلوا من توافه أخطائهم التي لا يجرح بها أحد من المنتمين إلى الإسلام سنيهم وبدعيهم أن يجعلوا منها العظائم المسقطة والمدمرة؛ بل جعلوا مزايا وفضائل أهل السنة قبائح ورذائل ، فضلاً عن افتعال الكثير منها وإلصاقها بهم فكانوا بهذه الأعمال المخزية التي ارتكبوها من أشد الناس حرباً للمنهج السلفي وأهله وأشد الناس صداً عنهما وأشد الناس ذباً عن جماعات البدع وجماعات الفتن وعن زعاماتهم ومناهجهم ، ولهم في ذلك مؤلفات منها :
1 ـ كثير من مؤلفات الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق الذي يحمل وزر هذا الاتجاه المدمر .
2 ـ ومنها مؤلفات تلاميذه، كالخطوط العريضة الذي ملأه صاحبه كذباً وبهتاناً وزوراً ، وكأضواء على أصول أدعياء السلفية الجديدة ، وفتاوى وكلمات في الموقف من الجماعات ، ذباً عن أهل البدع والتحزب، وغير ذلك من مؤلفاتهم السيئة التي لا غاية لها إلا تشويه المنهج السلفي وأهله وتزيين الباطل وأهله ، وكلها تنبع من الهوى والشيطان نزه الله عنها الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ؛ بل لا علاقة لها حتى بمنهج الموازنات بين الحسنات والسيئات ، فكانوا بهذه الأفاعيل المدمرة أخطر الأخطار على أهل المنهج السلفي في مشارق الأرض ومغاربها التي ركزوا عليها وعلى مدارسها وشبابها مما كان له أسوأ الآثار التي يعجز عن تحقيقها كل قوى الشر على وجه الأرض.
3 ـ ومنها : هذا الكتاب (المعيار) لمؤلف مجهول أو مؤلفين مجهولين ، ولكنه يجري ويركض في ميدان هذه المدرسة ، ومن نهرها الفاسد يعب ، ومن سمومها يرتوي ،ولتحقيق أهدافها بذلت جهود، ولو شئت أن أسمي أبطال هذه المهزلة لسميت .
وما أكذب انتحال هذا الصنف لمنهج السلف ، فأعمالهم ومواقفهم تدينهم بأنهم أشد خصوم هذا المنهج ، ولكن الله أحبط مكائدهم وهتك أستارهم وخيب آمالهم فقد باءت ولله الحمد بالفشل ولا سيما هذا الكتاب الذي جمعوا فيه كيدهم فدمره الله بالحق الأبلج والبراهين الواضحة ، فبينت جهلهم وسوء نياتهم ومقاصدهم ، ولو كان قد بقي فيهم شئ من الحياء لأووا إلى جحورهم ولعضوا على أصابع الندم .
ولكن لا حياة لمن تنادي .
لقد جعلوا من الأخطاء المطبعية وما شاكلها على قلتها من أعظم العظائم وجسام المسقطات بعد عجزهم عن وجود أقل ما يجرح به أهل السنة وأئمتهم المعتبرون فيما يرفع ويخفض فما يخفض عند أهل السنة يرفع ويعلي عند هؤلاء، وما يرفع عند أهل السنة يسقط ويحط عند هؤلاء ولكي تعرف هذه الحقيقة اقرأ مؤلفات هؤلاء التي ذكرتها سلفاً وغيرها ، واقرأ كتب الجرح والتعديل وكتب العقائد لأئمة السلف ، واقرأ النماذج الآتية بميزان الحق وميزان السلف الصالح الذي هو ميزان العدل والحق والإنصاف .
قال الشيخ ولي الدين محمد بن عبدالله الخطيب التبريزي ـ رحمه الله ـ بعد كلام سبق : " وإن رأيت اختلافاً في نفس الحديث فذلك من تشعب طرق الأحاديث ولعلي ما اطلعت على تلك الرواية التي سلكها الشيخ رضي الله عنه وقليلاً ما تجد ، أقول : ما وجدت هذه الرواية في كتب الأصول ، أو وجدت خلافها فيها ، فإذا وقفت عليه فانسب القصور إلي لقلة الدراية لا إلى جناب الشيخ رفع الله قدره في الدارين حاشا لله من ذلك ، رحم الله من إذا وقف على ذلك نبهنا عليه وأرشدنا طريق الصواب ، ولم آل جهداً في التنقير والتفتيش بقدر الوسع والطاقة ، ونقلت ذلك الاختلاف كما وجدت "([1]) .
فهذه هي أخلاق العلماء العالية .
إن الأخطاء لا يسلم منها بشر وإنما أعطيت العصمة للأنبياء فيما يبلغونه عن الله ، ومن عداهم فقد يخطئ في أقواله الاجتهادية ، وفيما ينقله عن الرسول r وفيما ينقله عن غيره ،وقد استدركت عائشة على عدد من الصحابة أخطاء وقعوا فيها ، وللإمام الشافعي مذهبان القديم والجديد، وقد يكون مع ذلك الصواب أحياناً في القديم وكان في غاية من الإنصاف والتواضع ، فيقول : "أنتم أعلم بالحديث والرجال مني ، فأي حديث صح فأخبروني به لآخذ به".
وقد رد على شيخه الإمام مالك ورد على أبي حنيفة وصاحبيه أشياء كثيرة جداً ، ورد الليث على الإمام مالك في رسالة معروفة .
وهذا أبو حنيفة رحمه الله يخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن في ثلث المذهب([2]) .
وهذا الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث وعلومه بما في ذلك علم الرجال ، انتقده الإمامان أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان في حوالي واحد وسبعين رجلاً وسبعمائة رجل ، ولم يسلما في نقدهما من الخطأ ، وقد اعتذر المعلمي للإمام البخاري بأعذار فارجع إلى مقدمة كتاب (بيان خطأ البخاري) .
وقد انتقد الإمام الدارقطني الإمامين البخاري ومسلما في أحاديث من صحيحيهما .
قال النووي : "إنها مائتا حديث" (3) .
وقال السلفي : "إنها مائتان وسبعة أحاديث" .
وذكر البقاعي عن الحافظ ابن حجر : "أنها مائتان وعشرة أحاديث " .
ولابن حبان أوهام كثيرة ، وكم أورد في كتابه الثقات من المجهولين .
وقد ألف عبدالغني بن سعيد كتاباً في بيان أوهام الحاكم أبي عبدالله في كتاب (المدخل إلى الصحيح) وألَّف الذهبي كتاباً في الأحاديث الموضوعة في المستدرك حيث بلغت مائة حديث ، وكم فيه من الأحاديث الضعيفة ؟!
وكم له من الأوهام في قوله على شرط الشيخين أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم ؟!
وألف ابن القطان كتاباً يقع في مجلدين مخطوطين سماه (بيان الوهم والإيهام) بين فيه أوهام عبدالحق الإشبيلي .
وأخطاء العلماء من هذا النوع وانتقادها كثير وكثير ، ولم يفكر أحد من النقاد في إسقاط من ينتقده ويخطؤه، ولم يقل أحد بذلك لأن هذه الأمور لا تعد ذنوباً ولا بدعاً يفسَّق أو يكفَّر بها أو يجرح بها في عدالة الراوي أو ضبطه.
هذا هو منهج العلماء من أهل السنة والجماعة من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا ؛ ولكن أهل الأهواء والفتن ظهروا للناس بمناهج جديدة مثل منهج الموازنات لحماية أهل البدع الكبرى .
وهذا المنهج الجديد للإسقاط بالأخطاء المطبعية ونحوها مما لا يسلم منه مؤلف أو محقق مهما كان صغر حجم كتابه محققاً كان أو مؤلفاً، كمثل هذا الكتيب الذي تعالم فيه صاحبه أو أصحابه ، فمنهج الموازنات يريدون أن يحموا به أهل البدع الكبرى مهما كثرت وعظمت شناعتها ، وفقه الواقع وهذا المنهج الجديد لإسقاط علماء أهل السنة ودعاتهم ؛ بل إسقاط منهجهم .
ولا نطيل ، فقد كتب في هذه القضايا عدد من الكتب لنصرة الحق ودحض الأباطيل والأهواء نسأل الله أن ينفع بها المسلمين ، ويقيهم شر ضلالات وتلبيسات وتمويهات أهل الأهواء والفتن .
فمئات الأخطاء من هذا القبيل لا تساوي بدعة واحدة ، فطعنة أو انتقاص لصحابي واحد عند السلف رفض وزندقة ، أما مثل هذه الأخطاء ، فلا تحط من قدر أحد ولا تجرح أحداً لا في دين ولا في عدالة ، هذا منهج أهل السنة لا مناهج أهل البدع والضلال الذين لا تضر عندهم الموبقات من البدع وينتقصون أهل السنة بدون موجبات التنقص ؛ بل بما يختلقونه ويلصقونه بأعراضهم .
وأخيراً أقول : إن الأخطاء التي استدركها صاحب المعيار قليلة ، ومع قلتها فلم تصل إلي ملاحظاته إلا بعد أن صححت أكثرها، أما أخطاؤه فحدث ولا حرج، وأما تحامله بالباطل فقل أن ترى مثله ، ولكن الله رد سهامه في نحره.
وأما ما بناه من تهاويل على تلك الأخطاء اليسيرة في المقدمة والعناوين والخاتمة فقد وفق الله إلى هدمه فذهب جفاء وغثاء .
وسيرى القارئ ذلك ويلمسه ، فلله الحمد على نصرة من لا حول له ولا قوة له إلا بالله ، ثم بالحق والصدق والعدل والإنصاف الذي أزعج أهل الباطل والأهواء ، فاندفعوا كالمجانين يخبطون خبط عشواء قد أعيتهم الحيل ، بعد فقدهم الحجج ، فلجؤوا إلى الكذب والمغالطات والتجهيل وافتعال التهم ، شأن كل ضال مبطل محارب للحق وأهله وناصر للباطل وأهله .
ثم الآن :
1 ـ اعرف أخطاء صاحب المعيار أو أصحابه الكثيرة في كتيبهم الصغير الظالم بشكل موجز .
2 ـ ثم اقرأها بشكل مبين مفصل في فصول كتابي المبنية على فصول كتاب المعيار .
3 ـ واقرأ خاتمة كتابي لتعرف نهاية ومآل كتابه : مقدمةً وخاتمةً وفصولاً بعناوينها المهولة الجوفاء كيف ذهبت بفضل الله هباء منثوراً ، وقس عليها سائر ما كتبوه ، ما ناقشناه منها ومالم نناقشه ، فإنها كلها من باب واحد وهو أوسع أبواب الباطل والهوى .
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
في 21/6/1417هـ
(1) مشكاة المصابيح (1/7) .
(2) حاشية ابن عابدين (1/62) .
(3) انظر مقدمة شرح النووي لصحيح مسلم (1/7) . | |
|